باجتماع الأجزاء ، فعند الاجتماع بعد الافتراق تعود الحياة ، ويكون الثاني عين الأوّل ؛ بناء على أنّ تفرّق أجزاء الجسم لا دخل له في التشخّص. ومن لا يقول بامتناع إعادة المعدوم فهو في سعة ممّا ذكر.
وأمّا الدليل النقلي على ما ذكر فقوله تعالى : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ) (١). وقوله تعالى : ( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ * بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ) (٢). ونحو ذلك من الآيات والأخبار.
وما يقال : من أنّه لو وجد عالم آخر لكان كرة مثل هذا العالم ، ولا يمكن ذلك إلاّ بتحقّق فرجة بين الكرتين ، فيلزم الخلاء ، وأنّه لو وجد عالم آخر مثل هذا العالم لكان فيه العناصر الأربعة ، فإن لم تطلب أمكنة عناصر هذا العالم لزم اختلاف متّفقات الطبائع في مقتضائها ، فإن طلبت لزم أن تكون في الأمكنة الأخر دائما.
فالجواب عنه أوّلا : أنّ ما ذكر أوّلا يلزم لو كان الكرويّة لازمة.
وثانيا : أنّه يلزم لو كان الكرتان موجودتين معا.
وثالثا : أنّه يلزم لو كان ما بينهما موجودا ولم يكن مثل ما وراء الفلك الأعظم.
ورابعا : أنّه يلزم لو كان العالم الآخر خارجا ـ بأن كان المراد إيجاد سماوات وأرضين مثل هذه ، ولم يكن المراد مجرّد إعادة الأرواح إلى الأبدان ـ وكان كلّ منهما في حيّز على حدة ولم يكوّن في جسم آخر. وجميع ذلك ممنوع.
مضافا إلى كونه في مقابل قول خالق العالم وأمنائه المستلزم لكون قائله من أعدائه ، وأنّ مقتضى المماثلة أن يقتضي كلّ عنصر في عالمه مكانا مماثلا لمكان
__________________
(١) يس (٣٦) : ٨١.
(٢) القيامة (٧٥) : ٣ ـ ٤.