بما يتوقّف عليه الإيجاد. والتعريف من العلل الفاعليّة لا من المادّيّة ولا الصوريّة ولا الغائيّة ، وهذا معروف عند أهله. وليس المراد بالعلّة الفاعليّة أنّهم هم الخالقون ، تعالى الله عن أن يشاركه في خلقه علوّا كبيرا ، أما تقرأ قوله تعالى : ( هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) (١)؟
ومن ذلك اعتقاد المعاد للنفوس والأجسام والأجساد بأنّ الله يبعث من في القبور.
أمّا معاد النفوس فظاهر. وأمّا الأجسام والأجساد فالاعتقاد أنّ هذه الأجساد والأجسام الموجودة في الدنيا الملموسة المرئيّة جميعها تعاد بعينها حتّى أنّ كلّ شخص يعرف باسمه وصورته في الدنيا ، فلا تبقى ذرّة من الأجساد والأجسام من جميع المكلّفين إلاّ وتعاد بعينها ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ ) (٢) فقوله : ( أَتَيْنا بِها ) يعني بعينها الموجودة في الدنيا الملموسة فتعود إلى محلّها من الجسد.
ويجب الإيمان بذلك مجملا لا مفصّلا. مثل قولنا : تعود إلى محلّها من الجسد. بل الواجب اعتقاد عود كلّ جزء من بدن المكلّف وجسمه الموجود في الدنيا. فمن زعم أنّ قدر ذرّة من أجساد المكلّفين وأجسامهم لا يعيدها الله تعالى ولا يبعثه حتّى يتّصل بصاحبه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ».
وقال في الرسالة الأخرى بعد التسمية : « أمّا بعد فيقول أحمد بن زين الدين : اعلم أيّها الناظر في رسائلي وكتبي أنّي بعون الله وتوفيقه ما كتبت فيها إلاّ ما فهمته على نحو اليقين أنّه مذهب أهل العصمة عليهمالسلام ، وما تتوهّمه مخالفا من كلامي فليس منافيا لدليل العقل والنقل معا ولكنّه على اصطلاح غير مأنوس عندك ، وذلك في مثل قولي : إنّ للإنسان جسدين وجسمين ، وأنّ الجسد الأوّل متكوّن من العناصر من كلّ
__________________
(١) لقمان (٣١) : ١١.
(٢) الأنبياء (٢١) : ٤٧.