وفي حقّ النار : ( أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) (١) ، ( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ ) (٢).
وحملها على التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي مبالغة في تحقّقه مثل ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ) (٣) ، ( وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ ) (٤) خلاف الظاهر ، فلا يعدل إليه بدون قرينة.
تمسّك المنكرون بوجوه :
الأوّل : أنّ خلقهما قبل يوم الجزاء عبث لا يليق بالحكيم. وضعفه ظاهر.
والثاني : أنّهما لو خلقتا لهلكتا ؛ لقوله تعالى : ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) (٥). واللازم باطل ؛ للإجماع على دوامهما ، والنصوص الشاهدة بدوام أكل الجنّة بظلّها.
وأجيب : بتخصيصها من آية الهلاك ؛ جمعا بين الأدلّة ، وبحمل الهلاك على غير الفناء على ما قيل : إنّ المراد بهلاك كلّ شيء أنّه هالك في حدّ ذاته ، لضعف الوجود الإمكاني ، فيتحقّق بالهالك المعدوم ، وبأنّ الدوام المجمع عليه هو أنّه لا انقطاع لبقائهما ولا انتهاء لوجودهما بحيث ، يبقيان على العدم زمانا يعتدّ به كما في دوام المأكول ؛ فإنّه على التجدّد والانقطاع قطعا ، وهذا لا ينافي فناءها لحظة.
الثالث : أنّه قال الله تعالى في وصف الجنّة : ( عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) (٦) ، ولا يتصوّر ذلك إلاّ بعد فناء السماوات والأرض ؛ لامتناع تداخل الأجسام.
وأجيب : بأنّ المراد أنّ عرضها كعرض السماوات والأرض ؛ لامتناع أن يكون عرضها عرضهما بعينه لا حال البقاء ولا بعد الفناء ؛ إذ يمتنع قيام عرض واحد
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٤ ؛ آل عمران (٣) : ١٣١.
(٢) الشعراء (٢٦) : ٩١.
(٣) الكهف (١٨) : ٩٩.
(٤) الأعراف (٧) : ٤٤.
(٥) القصص (٢٨) : ٨٨.
(٦) آل عمران (٣) : ١٣٣.