وعمل بالأركان.
وقال طائفة : هو التصديق مع كلمتي الشهادة. ويروى هذا عن أبي حنيفة (١).
ولعلّ هذا هو مراد المصنّف حيث قال : ( تصديق بالقلب واللسان ، ولا يكفي الأوّل يعني التصديق بالقلب وحده ليس إيمانا ؛ لقوله تعالى : وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ (٢) ). أثبت للكفّار الاستيقان النفسي وهو التصديق القلبي ، فلو كان الإيمان هو التصديق القلبي لزم اجتماع الكفر والإيمان ، ولا شكّ أنّهما يتقابلان. ( ولا يكفي الثاني ) يعني الإقرار باللسان لقوله تعالى : ( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ) قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا (٣). ولقوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) (٤). فقد أثبت في هاتين الآيتين التصديق اللساني ونفى الإيمان. فعلم أنّ الإيمان ليس هو التصديق اللساني فقط.
وللأشاعرة الآيات الدالّة على محلّيّة القلب للإيمان نحو : ( أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ ) (٥) ، ( وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (٦) ، ( وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) (٧). ومن ذلك الآيات الدالّة على الختم والطبع على القلوب ، وكونها في أكنّة ؛ فإنّها واردة على سبيل البيان لامتناع الإيمان منه. ويؤيّده دعاء النبيّ صلىاللهعليهوآله : « اللهمّ ثبّت قلبي على دينك » (٨).
وقوله صلىاللهعليهوآله لأسامة وقد قتل من قال : لا إله إلاّ الله : « هلاّ شققت قلبه » (٩).
__________________
(١) انظر « شرح المواقف » ٨ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(٢) النمل (٢٧) : ١٤.
(٣) الحجرات (٤٩) : ١٤.
(٤) البقرة (٢) : ٨.
(٥) المجادلة (٥٨) : ٢٢.
(٦) الحجرات (٤٩) : ١٤.
(٧) النحل (١٦) : ١٠٦.
(٨) « بحار الأنوار » ٦٦ : ١٣٩ ؛ « سنن ابن ماجة » ٢ : ١٢٦٠ ، ح ٣٨٣٤.
(٩) « الجمل » : ٩٤ ؛ « بحار الأنوار » ٦٥ : ٢٤٨ ؛ « فتح الباري » ١٢ : ٢٤٠.