مشايخ العباسيين وغيرهم.
هذا كله مضافا إلى كلامه مع كثير من الفرق التي كانت يومذاك كجماعة المعتزلة وأصحاب المقالات ومتكلمي المجبرة والحشوية والناصبية والكيسانية والاسماعلية والقرامطة والمباركية والناووسية والشمطية والفطحية والواقفة والبشرية.
هذا ما يقف عليه القارئ في الفصول من العيون والمحاسن المذكور فكيف لو استقصى سائر كتبه وما نقل عنه. ويلاحظ أنه قدسسره حتى في أسفاره كان لا يفتأ عن المناظرة والدعوة إلى مبدئه والدفاع عن مذهبه واليك للتدليل على ذلك حديثه مع رجل زيدي أراد التشنيع عليه والوقيعة به حيث ثقل عليه وأمثاله وجوده لانه أينما حل يجتمع عليه الناس للاستفادة منه والاخذ عنه وذلك أنه زار مرة المشهد العلوي ومر بمسجد الكوفة فاجتمع إليه من أهلها وغيرهم أكثر من خمسمائة انسان وتقدم نحوه رجل زيدي أراد الفتنة والشناعة فقال له باي شئ إستجزت إنكار إمامة زيد؟! فقال له الشيخ : إنك قد ظننت علي ظنا باطلا وقولي في زيد لا يخالفني عليه أحد من الزيدية. إن زيدا رحمهالله كان إماما في العلم والزهد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأنفي عنه الامامة الموجبة لصاحبها العصمة والنص والمعجز. وهذا مالا يخالفني عليه أحد من الزيدية ، فلم يتمالك جميع من حضر من الزيدية دون أن شكروه ودعوا له وبطلت حيلة الرجل فيما أراد من التشنيع والفتنة.
وأيا ما كان فمكانة هذا الحبر غنية عن البيان إذ هتفت باسمه السنة المدح والثناء واشتهر فضله اشتهارا اغنى عن الاشادة بذكره والافاضة في سيرته فله من فضله وعلمه ونبله ومجده شواهد صدق على سمو مقامه وعظيم نبوغه ، حتى لهجت الاعلام بذلك شاكرة له أياديه حيث كان مأوى المتعلمين ومعقل العلماء وملاذ الامراء وملجأ العامة وسائر الناس ، قصده الفقهاء اللامعون فاستفادوا من معين علومه ، واتاه جهابذة المتكلمين فارتشفوا من نميره ، وحتى الامراء والوزراء كانوا يأخذون عنه فيصدرون