قلب كئيب : « يا أبتاه جبريل إلينا ينعاه ، يا أبتاه من ربّه ما أدناه ، يا أبتاه من جنان الفردوس مأواه ، يا أبتاه أجاب ربّاً دعاه » (١). واستعبرت باكية ، فبكى الناس رفقاً بها ، وتقطّعت قلوب المؤمنين حزناً عليها ، ثمّ أخذت حفنة من تراب القبر الطاهر وهي تقول متفجّعة :
ماذا علىٰ من شمّ تربة أحمد |
|
ألّا يشمَّ مدىٰ الزمان غواليا |
ورجعت سلام الله عليها مع بعض النسوة والناس تتبعها بعيون دامعة ، وعندها رأت أنس بن مالك خادم النبي صلىاللهعليهوآله فقالت له معاتبة : « يا أنس كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التراب علىٰ رسول الله ؟! » (٢).
عن محمّد بن المفضل قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : جاءت فاطمة عليهاالسلام إلىٰ سارية في المسجد وهي تقول وتخاطب النبي صلىاللهعليهوآله :
قد كان بعدك أنباء وهنبثة |
|
لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب |
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختل قومك فاشهدهم ولاتغب (٣) |
قال ابن شهرآشوب : إنّ السيدة الزهراء عليهاالسلام ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس ناحلة الجسم ، منهدّة الركن ، باكية العين ، محترقة القلب ، يغشىٰ عليها ساعة بعد ساعة ، وتقول لولديها : « أين أبوكما (٤) الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة ، أين أبوكما الذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما ؟ »
_____________
(١) بحار الأنوار ٢٢ : ٥٥٢ / ٢٩.
(٢) حياة الإمام الحسين عليهالسلام / باقر شريف القرشي ١ : ٢٦٨ ـ مطبعة الآداب ـ النجف.
(٣) بحار الأنوار ٤٣ : ١٩٥ / ٢٥.
(٤) لأنّه صلىاللهعليهوآله كان يقول : « الحسن والحسين ابناي .. » ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٦.