فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء. ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء (١).
وفي تفسير قوله تعالى : ( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) (٢) عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ما يقرب منه (٣).
وفي رواية اخرى عن زرارة : أنّ رجلا سأل أبا جعفر صلوات الله عليه عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ... ) فقال وأبوه يسمع : حدّثني أبي أنّ الله عزّ وجلّ أخذ قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم عليهالسلام ، فصبّ عليها الماء العذب الفرات ، فتركها أربعين صباحا ، فلمّا اختمرت الطينة أخذها تبارك وتعالى ، فعركها عركا شديدا ... فخرجوا كالذرّ من يمينه وشماله ، فأمرهم جميعا أن يقعوا في النار ، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا وسلاما ، وأبي أصحاب الشمال أن يدخلوها (٤).
وفي رواية محمّد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : إنّ الله عزّ وجلّ لمّا أراد أن يخلق آدم عليهالسلام أرسل الماء على الطين ، ثم قبض قبضة فعركها ، ثم فرقها فرقتين بيده ، ثم ذرأهم فإذا هم يدبّون ، ثم رفع لهم نارا فأمر أهل الشمال أن يدخلوها ، فذهبوا إليها فهابوها فلم يدخلوها ، ثمّ أمر أهل اليمين أن يدخلوها ، فذهبوا فدخلوها ، فأمر الله جلّ وعزّ النار فكانت عليهم بردا وسلاما. فلمّا رأى ذلك أهل الشمال قالوا : ربّنا أقلنا ، فأقالهم ، ثمّ قال لهم : ادخلوها ، فذهبوا فقاموا عليها ولم يدخلوها ، فأعادهم طينا ، وخلق منها آدم ، وقال أبو عبد الله عليهالسلام : فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، قال : فيرون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله أوّل من دخل تلك النار ،
__________________
(١) البحار ٥ : ٢٥٢ ، عن المحاسن. الظاهر أن المراد من عدم الاستطاعة أن كلّ واحد من أصحاب اليمين وأصحاب الشمال لا يستطيع أن يغيّر ما جعل الله في فطرته من دواعي الخير والشرّ. وقد أثبتنا في بعض التنبيهات أنّ بعد إفاضة القدرة على منع ترتّب المقتضي على المقتضي ، لا توجب الدواعي إلاّ سهولة العمل وصعوبته ، لا العجز المنافي للتكليف.
(٢) الأنعام ٢٨.
(٣) البحار ٥ : ٢٥٦ ، عن تفسير العيّاشيّ.
(٤) الكافي ٢ : ٧ ، وفي البحار ٥ : ٢٥٧ عن العيّاشيّ عن زرارة أنّ رجلا سأل أبا عبد الله عليهالسلام ... الخبر.