فانه تلمذ ـ في أول نشأته على ما يظهر ـ على الشيخ المحقق الحكيم المولى اسماعيل الخاجوئي ثلاثين سنة ، مع العلم أن استاذه هذا توفى عام ١١٧٣ ه ، فتكون أول تلمذته عليه عام ١١٤٣ ه على أقل تقدير ، إذا فرضنا أنه لازمه الى حين وفاته. ولنفرض على أقرب تقدير أنه قد حضر عليه وهو في سن ١٥ عاما ، وعليه فتكون ولادته عام ١٢٢٨ ه أو قبل ذلك.
أما وفاته فقد كانت عام ١٢٠٩ ه في النجف الأشرف ، ودفن فيها ، فيكون قد بقي بعد وفاة استاذه الوحيد البهبهاني سنة واحدة ، ويكون عمره ٨١ عاما على الأقل.
وفي ( رياض الجنة ) المخطوط ، تأليف السيد حسن الزنوزي المعاصر للمترجم له ـ حسب نقل الاستاذ حسن النراقي ـ : ان عمره كان ٦٣ سنة ، فتكون ولادته سنة ١١٤٦ ه وهذا لا يتفق ابدا مع ما هو معروف في تأريخه : انه تلمذ على المولى اسماعيل الخاجوئي ثلاثين سنة ، لأنه يكون عمره على حسب هذا التأريخ حين وفاة استاذه ٢٧ سنة فقط.
نشأته العلمية واساتذته
عاش شيخنا كما يعيش عشرات الآلاف من أمثاله من طلاب العلم : خامل الذكر ، فقير الحال ، منزويا في مدرسته ، لا يعرف من حاله إلا أنه طالب مهاجر ، ولا يتصل به إلا أقرانه في دروسه ، الذين لا يهمهم من شأنه إلا أنه طالب كسائر الطلاب ، يتردد في حياة رتيبة بين غرفته ومجالس دروسه ، ثم بعد ذلك لا ينكشف لهم من حاله إلا بزته الرثة التي ألفوا منظرها في آلاف طلاب العلم ، فلا تثير اهتمامهم ولا اهتمام الناس.
وبطبيعة الحال لا يسجل له التأريخ شيئا في هذه النشأة ، وكذلك كل طالب علم لا يسجل حتى اسمه ما لم يبلغ درجة يرجع إليه الطلاب في تدريس ، أو الناس في تقليد ، أو تكون له مؤلفات تشتهر. ومن هنا تبتدي معرفة حياة الرجل العالم ، وتظهر آثاره ويلمع اسمه.
ومع ذلك ، فانا نعرف عن شيخنا : ان أسبق أستاذته وأكثرهم حضورا عنده هو المولى اسماعيل الخاجوئي المتقدم الذكر. وهذا الاستاذ كان مقره في اصفهان ، وفيها توفي ودفن ؛ والظاهر أنه لم ينتقل عنها حتى في الكارثة التأريخية المفجعة التي أصابتها من الأفغانيين الذين انتهكوها بما لم يحدّث التأريخ عن مثلها ، وذلك سنة ١١٣٤ ه فتكون نشأة شيخنا المترجم له العلمية في مبدأ تحصيله في اصفهان على هذا الشيخ الجليل. والظاهر أنه قرأ الفلسفة ، لأن هذا الشيخ من اساتذة الفلسفة المعروفين الذين تنتهي تلمذتهم في ذلك العصر الى المولى صدر الدين الشيرازي صاحب الاسفار. وكفى ان من تلاميذه المولى محراب ، الإلهي المعروف ، الذي طورد لقوله بوحدة الوجود ، ولمّا جاء الى إحدى العتبات المقدسة متخفيا ،