بلا واسطة. وإذا لوحظت تلك السلسلة باعتبار أنّ بعضها مربوط ببعض آخر ومتوقّف عليه من حيث الشرطية والمشروطيّة والسببية والمسببية بناء على أنّ بعضا منها لمّا كان ناقصا في حدّ ذاته بحيث يمتنع استناده إليه ـ تعالى ـ بدون الشروط والاسباب فيحتاج إليها فيمكن له الاستناد إليه ـ تعالى ـ يكون سلسلة طولية منتهية إليه ـ تعالى ـ بالضرورة البرهانية ؛ فالممكنات باعتبار السلسلة الطولية يختلف مراتب احتياجها إلى الواجب ـ تعالى ـ. فكلّما كان أبعد عنه يكون احتياجها إليه أكثر لاحتياجه إليه في افاضة وجود نفسه وافاضة وجود شرائطها واسبابها لنقصانه عن أن يستند إليه ـ تعالى ـ بدونهما ، وكلّما كان أقرب يكون احتياجه أقلّ. ولهذا قال بعض الاكابر من الحكماء : كلّما كان المعلول أبعد كان الفيض والخير أكثر ، وكلّما كان المعلول أقرب يكون الفيض والخير أقلّ. فالعقل الأوّل والنظام الجملي يستند إليه ـ تعالى ـ بلا واسطة ، فلا يتصوّر سلسلة طولية بالنسبة إليهما ، بل المتصوّر بالقياس إليهما هو السلسلة العرضية ، وبالقياس إلى ما عداهما يتصوّر السلسلة الطولية / ٦٨MA / والعرضية جميعا.
ومن قال بهذه التحقيقات كالمحقّقين من الحكماء والمتكلّمين لو قال انّ بعض ممكن علّة لبعض آخر فليس مراده إلاّ الشرطية والسببية ، لا أنّه يصحّ أن يكون ممكن علّة فاعلية بالقياس إلى ممكن آخر ، فلا يعترض عليه بما اعترض ابو البركات البغدادي ؛ انتهى.
ثمّ قال : ومن قال : انّ بعض الممكنات تفيض وجود بعض آخر ـ على ما يقال : انّ الواجب أوجد العقل الأوّل ثمّ العقل الأوّل أوجد العقل الثاني وهكذا إلى العقل الفعّال ، ثمّ العقل الفعّال يستند إليه جميع ما بعده ـ قال بالسلسلة الطولية والعرضية أيضا ، إلاّ أنّ هؤلاء لم يقولوا بأنّ الامكان علّة الاحتياج إلى الواجب بالذات ابتداء ، بل هم يقولون : انّ الامكان علّة الانتهاء إلى الواجب بالذات. فمقتضى طبيعة كلّ ممكن عندهم هو الانتهاء إلى الواجب بالذات ، فاذا لوحظت الممكنات من حيث أنّ كلّ واحد منها ممكن مقتضى طباعه الانتهاء إلى الواجب بالذات يكون سلسلة عرضية ، و