يعنيه الطبيعيون ـ ، بل مبدأ الوجود ومفيده مثل الباري للعالم. وأمّا العلّة الفاعلية الطبيعية فلا تفيد وجودا غير التحريك بأحد انحاء التحريكات ، فيكون مفيد الوجود / ٧٤MB / في الطبيعيات مبدأ حركة (١) ؛ انتهى.
ووجه استفادة ما ذكر من الكلام المنقول من الشيخ انّه قال : انّا نريد من الفاعل العلّة الّتي تفيد وجودا مباينا لذاتها ، فلا يجوز أن تكون العلّة محلاّ لشيء يستفيد ذلك الشيء من تلك العلّة وجوده ويتصوّر تلك العلّة بذلك الشيء ـ أي : يكون ذلك الشيء صورة لها ـ. فيكون لفظ « شيء » بدلا عن الضمير الراجع إلى كلمة « ما ».
وقوله : « يتصوّر به » صفة لقوله : « محلاّ » وزيادة توضيح له. ويكون الحاصل : انّ العلّة لا يجوز أن تكون محلاّ لفعلها ومعلولها إذا كان هذا المعلول مستفيدا وجوده منها ، والمحلّ يتصوّر بهذا المعلول. وعلّل عدم الجواز بأنّ كون العلّة محلاّ لفعلها الّذي يصير صورة لها يوجب أن يكون في ذات العلّة والمعلول قوّة وجود نفسه ، لأنّ هذا المعلول من حيث هو صورة للعلّة يكون جزء لها ، فيكون للعلّة قوّة وجود جزئها وللمعلول الّذي هو هذا الجزء قوّة وجود نفسه من حيث انّه جزء العلّة. وعلى هذا يكون غرض الشيخ أنّ الفاعل لا يجوز أن يكون محلاّ لفعله بشرط أن يكون هذا الفعل صورة له لا عرضا ، فلا مانع من كون الفاعل محلاّ لما هو عرض له. ويمكن ان يكون يتصوّر به ويتحقّق به ويكون الفاعل هو الشيء الّذي هو عبارة عن الفعل ؛ والضمير المجرور راجعا إلى العلّة.
وفي بعض النسخ : « يتصور / ٧١DB / بها » ـ بتأنيث الضمير ـ ، فيكون هذا التوجيه أظهر.
وعلى هذا يكون مراد الشيخ : انّ الفاعل لا يجوز أن يكون محلاّ لفعله مطلقا سواء كان هذا الفعل صورة له أو عرضا يتحقّق هذا الفعل به ، فلو كان محلاّ له يلزم أن يكون في ذاته قوّة وجوده ، فيجب أن يكون الفاعل مفيدا لوجود مباين عن ذاته. ثمّ صرّح بأنّ الفاعل في عرف الإلهيين كذلك ـ أي : مبدأ للوجود المباين ومفيده ـ. وأمّا الطبيعيون فالفاعل عندهم هو مبدأ الحركة والحركة ـ لكونها قائمة بمبدئها ـ ليست أمرا مبائنا عنه ، ففي عرف الطبيعيين تكون الحركة معلولة للمتحرّك ؛ فيظهر منه جواز استناد الحركات
__________________
(١) راجع : الشفاء / الالهيات ، ج ٢ ، ص ٢٥٧.