مئات وألوف وهكذا ، فعدّة الآحاد مثلا امّا أن تكون مساوية لعدّة الالوف أو اقلّ منها أو أكثر ، والكلّ باطل. امّا بطلان الأوّلين فلأنّ عدّة الآحاد يجب أن يكون أزيد من عدّة الالوف بتسعمائة وتسع وتسعين ، لأنّا نأخذ في عدّة الآحاد كلّ واحد واحد وفي عدّة الألوف نأخذ كلّ الف واحدا ، فيكون عدّة الآحاد في ألف مائة ألف مائة وعدّة الألوف فيها مائة ، فكيف يمكن مساواة عدّة الآحاد لعدّة الالوف أو نقصانها عنها؟!. وامّا بطلان الثالث فلأنّه لو كان عدّة الألوف اقلّ لكانت متناهية ـ لما تقدم من أنّ الاقلّية لا ينفكّ عن التناهي ، لانّ معناها أن يكون له حدّ ومرتبة لا تجاوز عنه ـ ، والضرورة قاضية بانّه لا معنى لكون غير متناه اقلّ أو أكثر من غير متناه آخر وإذا كانت عدّة الألوف متناهية كانت عدّة الآحاد أيضا متناهية ، اذ هى لا يزيد عليها إلاّ بقدر متناه ـ وهو تسع مائة وتسع وتسعون ـ ، فيلزم تناهى السلسلة لتناهي اجزائها عدّة وآحادا (١).
فان قيل : نحن نمنع المنفصلة القائلة بانّ عدد الآحاد إمّا مساو لعدد الالوف أو اقلّ أو أكثر لانّ التساوي والتفاوت من خواصّ المتناهى (٢) ؛
قلنا : الضرورة قاضية بانّ كلّ جملتين سواء كانتا متناهيتين أو غير متناهيتين إمّا متساويتان أو متفاوتتان في الواقع ، ومنعه مكابرة!.
ومنها : انّه لو وجدت سلسلة غير متناهية لاشتملت على آحاد غير متناهية وعشرات غير متناهية ومئات غير متناهية وألوف غير متناهية وهكذا ، فيجب ان يكون العادّ لكلّ واحد من تلك العدد أيضا اعداد غير متناهية ، فتكون العادّ لكلّ منها واحدا وهو تمام الآحاد ـ لأنّ الاعداد العادية في جميع تلك العدد يستوعب تمام الآحاد وإلاّ لم يكن معنى لعدم تناهى تلك العدد ـ ؛ فيلزم أن يكون كلّ عددين متناهيين كالواحد والعشر والعشرة والمائة والمائة والألف متساويين لتساوي ما بعدهما.
ومنها : انّه لو وجدت سلسلة غير متناهية لاستلزمت لان يكون عدد واحد هو مجموع آحاد السلسلة زوجا وفردا ؛ وهو محال. بيان اللزوم : انّه لو وجدت سلسلة
__________________
(١) راجع : الشرح الجديد ، ص ١٢٥. وانظر : الحكمة المتعالية ، ج ٢ ، ص ١٦٤ ؛ شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ١٢٩.
(٢) انظر : الحكمة المتعالية ، ج ٢ ، ص ١٦٥ ؛ شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ١٣١.