بالاثنينية الخارجية وامتاز إحداهما عن الأخرى وتوالت آحادهما لا ينقص مجموعهما عن الغير المتناهي في الجانبين لا إذا لم يتمايزا بالاثنينية وتشابكت آحادهما ـ كما في ما نحن فيه ـ ، فانّهما بالحقيقة سلسلة واحدة صارت اثنتين باعتبار العقل ؛
قلنا : لا شبهة في أنّ عدد السلسلتين لا يتفاوت بتشابك / ١٣MB / آحادها مع غيرها أو تواليها ، فما يثبت لها من الأحكام من حيث العدد لا يتفاوت بالتشابك والتوالي ، فانّك لو فرضت توالى كلّ واحد من الآحاد الفردية والزوجية بأن يخرج واحد منهما من بين آحاد الاخرى حصلت سلسلتان محقّقان ممتازتان متواليتا الآحاد ، وهما كانتا موجودتين بعينهما في السلسلة الأولى. فبالتشابك والتوالى لا يختلف حكمها ولا يزيد عددها ولا ينقص على احد التقديرين دون الآخر.
ومنها : انّه لو وجدت سلسلة مركبة / ١٣DB / من آحاد غير متناهية لكان لها في حاقّ الواقع ومتن الخارج مرتبة من العدد البتة ، لانّ كلّ جملة موجودة في الخارج متعينة الآحاد يجب أن يعرضها مرتبة عددية ويوجد مراتب أخر ناقصة عنها بواحد واثنين وثلاثة ، وهكذا يوجد طبقات مترتّبة متنازلة إلى أن ينتهى إلى الواحد ، وكلّما يوجد من المراتب المتوسّطة بين المرتبة الأولى والمرتبة الأخيرة ـ أعني : الواحد ـ محصور بينهما ، فلو كانت تلك المراتب غير متناهية لزم كون الغير المتناهي محصورا بين حاصرين وهو باطل (١)
وأنت تعلم انّه لو قطع النظر عن الانصاف واستقامة القريحة يمكن للمناظر المجادل أن يمنع أوّلا وجود مرتبة عددية معينة لآحاد الغير المتناهي ؛ ويمنع ثانيا استحالة انحصار الغير المتناهي بين مثل هذين الحاصرين (٢) ـ أعني ـ المرتبة الّتي لغير المتناهي والمرتبة الواحدية ـ ، إلاّ أنّ بعد الرجوع إلى الانصاف والوجدان السليم والحدس الصائب يحكم العقل بأنّ الآحاد الموجودة المتعينة في الخارج لا بدّ أن يعرضها مرتبة معينة من العدد ولا يمكن انحصار غير المتناهي بينها وبين الواحد (٣).
__________________
(١) انظر : الحكمة المتعالية ، ج ٢ ، ص ١٦٦ ؛ شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ١٢٧.
(٢) راجع : الحكمة المتعالية ، ج ٢ ، ص ١٦٧.
(٣) وهناك ادلّة اخرى لابطال الدور والتسلسل وابحاث قيّمة مبثوثة في الكتب الحكمية و