مجموع العمارة وإن كان الأحسن بالنسبة إلى كلّ موضع منه أن يكون مجلسا مثلا ، وقس عليه قطع عضو من الأعضاء واخراج الدم من البدن بالفصد والحجامة اذا كان فيه صلاح مجموع البدن. وبالجملة لا ريب في أنّ الواجب الحقّ مبدأ تامّ من جميع الوجوه ، فما هو المناسب به أحسن وأكمل من غيره ، ولا شكّ في انّ النظام الواقع الصادر هو الأنسب وبالمناسبة استحقّ فيض الوجود منه ـ تعالى ـ عليه ، فيكون أعلى وأكمل ما يتصوّر ، ويكون ما وجد بغير هذا الوجه من الوجوه أبعد عن المناسبة له ، فيكون أدون وأخسّ ؛ فكلّ فرد فرض على خلاف ما عليه يكون مخلاّ بحسن النظام وإن خفي وجهه علينا.
ولعلّ تفاصيل كيفية هذا الحسن واختلاله بتغيّر حال فرد فرد عمّا هو / ١١٢ MA / عليه مع انّه يمكن أن يوجد ما هو الأحسن له في نظرنا من أسرار القدر الّذي استاثره الله بعلمه ولم يطّلع عليه أحد سواه ، أو اطّلع عليه باذنه واحد بعد واحد من طوائف الأنبياء وأعاظم الأولياء.
وما يمكن أن يتكلّم فيه ويصل إليه الأفهام قد تقدّم قبل ذلك مفصّلا.
ثمّ انّه لو اخترنا الشقّ الثاني لدلّ على المطلوب أيضا ـ وان لم يكن حقّا مطابقا للواقع ـ ، لأنّه إذا ثبت الانتظام والإحكام في الجملة لدلّ على علم الموجد ولا يضرّ معه اشتماله على نوع من الخلل والنقصان ومثله مثل صورة منقوشة في جدار إذا كانت فاقدة لبعض اعضائها ، فانّك إذا رأيتها لا تشكّ في علم مصوّرها وصدورها عن خبرة وغرض فيها ، بل تجزم بأنّ نقصان بعض اعضائها إنّما هو لغرض يعلمه مصوّرها ومصلحة يراها وان لم تكن أنت عالما به.
وما ذكر من النقص بتبريد الماء وتسخين النار ففيه : انّ هذا التأثير فيهما وفي امثالهما انّما هو بفعله ـ تعالى ـ وهو الّذي اوجده فيهما ، لانّ الممكن من حيث هو لا يجوز أن يصير منشأ لشيء ومؤثّرا في غيره ـ لكونه لا شيئا محضا وقوّة صرفة ـ ، وبالجملة لا ريب في اشتمال هذا النظام على لطائف الصنع وبدائع الترتيب وحسن الملائمة للمنافع والمطابقة على وجه الكمال. وان سلّم اشتماله بالعرض على نوع من الخلل وجور في بادى النظر أن يكون ما هو أكمل. والعلم بأنّ مثل ذلك لم يصدر الاّ عن العالم