بافعاله ـ إذ كون الفاعل الشاعر بذاته بأيّ نحو كان عالما بافعاله بديهي ـ.
ويمكن أن يثبت بهذا الدليل أوّلا العلم مطلقا ـ أي في الجملة ـ ثمّ يثبت العلم بذاته ، ثمّ يثبت لجميع الموجودات بأن يقال : لمّا كان ـ سبحانه ـ مبدأ لجميع الموجودات الّتي منها العلماء كان عالما في الجملة بالضرورة ـ لكون الفاعل أشرف ـ ، ثمّ يثبت العلم بذاته ـ على ما تقدّم من انّ من علم الغير يعلم ذاته بالضرورة ـ ، ثمّ يثبت بجميع الموجودات بناء على أنّ العلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول.
ومنها : انّه ـ تعالى ـ لمّا كان مبدأ لجميع الموجودات الّتي منها الصور العلمية كان مبدأ لفيضان العلوم على العلماء وكان فياض العلوم وملهمها ، فكان عالما بذاته بالضرورة ؛ وإذا كان عالما بذاته كان عالما بجميع الموجودات ـ لانّ العلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول ـ.
ويمكن ان يثبت بهذا الدليل أيضا ـ على نظير سابقه ـ العلم في الجملة ، ثمّ يثبت العلم بذاته ، ثمّ يثبت بجميع الموجودات بان يقال : انّه ـ تعالى ـ لمّا كان فيّاض جميع العلوم فيكون عالما في الجملة بالضرورة ، واذا كان عالما في الجملة بالضرورة كان عالما بذاته بالضرورة ـ لما تقدّم ـ ؛ وإذا كان عالما بذاته فيكون عالما بجميع الموجودات ؛ هذا.
واعلم! ، انّ بعض المشاهير قال : يمكن أن يحمل دليل الاستناد في كلام المحقّق الطوسي على أحد هذين الدليلين ـ أي : الأخيرين اللذين ذكرناهما لانّ استناد كلّ شيء إليه يوجب استناد العلماء بذواتهم واستناد الصور العلمية إليه تعالى ـ ، ومن استنادهما إليه يثبت عموم علمه ـ تعالى ـ بالنسبة إلى ذاته والى جميع الموجودات ـ كما ذكرناه ـ ، فيصحّ قوله : « والأخير عامّ ».
ثمّ اعلم ؛ انّه يمكن ان يثبت بكلّ واحد من هذين الدليلين القدرة والإرادة والحياة وسائر الصفات الكمالية ، ولذا قيل : انّ قول سيّدنا أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » اشارة إلى ذلك ، أي : إلى أنّه من عرف نفسه بانّه عالم قادر مريد مجرّد إلى غير ذلك من الصفات الكمالية يعرف انّ بارئها ومفيضها يجب أن يكون له تلك الصفات الكمالية على ما هو أعلى وأشرف ، فيمكنه أن يعرف