/ ١٣٤ MB / ربّه من طريق معرفة نفسه بجامعية الكمالات الحقيقية. وكيف يمكن أن يكون المخلوق متصفا بصفات كمالية يكون خالقه فاقدا عنها؟! ، وأيّ شيء أشدّ قبحا واكثر شناعة من أن يدّعى الانسان احاطته العلمية بحقائق الأشياء ويسلب العلم عن خالقه ومدبّره ويجعله انزل الحيوانات العجم الّتي يعلم كثيرا من الأشياء؟! ، ـ تعالى ربّنا عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا! ـ.
ومنها : انّه ـ سبحانه ـ قادر ـ أي : فاعل بالقصد والاختيار ـ ، ولا يتصوّر ذلك إلاّ بالعلم بالمقصود.
وأورد عليه : بانّه إن أريد بالقصد والاختيار ما هو المعنى المتعارف المستلزم للعلم فلا بدّ من اثباته ، إذ لم يثبت اتصافه ـ تعالى ـ بالقصد بالمعنى المتعارف ؛ وإن أريد بهما معنى القادرية المستلزمة لحدوث العالم ـ أي : امكان انفكاك العالم عنه تعالى ـ فلا بدّ من بيان الكبرى ـ أعنى : قوله : « ولا يتصوّر ذلك بدون العلم بالمقصود » ـ.
وأجيب عنه : باختيار الشقّ الثاني ثمّ بيّن الكبرى ـ أعني : كون حدوث العلم مستلزما لعلمه تعالى ـ بانّه لا يتصوّر حدوث العالم بدون علمه ـ تعالى ـ ؛
أمّا على طريقة المعتزلة فلأنّ العالم بدون العلم والإرادة لو كان حادثا يلزم الترجيح بلا مرجّح ، إذ المرجّح للحدوث عندهم هو الداعي ـ أي : العلم بالنفع ـ. وإذ لا شعور ولا علم فلا مرجّح ؛
وأمّا على طريقة الأشاعرة فلأنّ المصحّح للحدوث عندهم هو تعلّق الإرادة في آن الحدوث ، وإذ لا شعور فلا إرادة ؛ فلا يصحّ على الطريقين حدوث العالم بدون العلم
وأورد على هذا الجواب : بانّ العمدة في اثبات / ١٣١ DA / الحدوث هو اجماع المليين وحجّيته موقوفة على اثبات النبوّة المتوقّفة على علمه ـ تعالى ـ ، فلو أثبت علمه ـ تعالى ـ بالحدوث لزم الدور. وسيأتي حقيقة الحال في ذلك.
ثمّ لا يخفى انّه يمكن اثبات علمه ـ تعالى ـ بقدرته بالمعنى المشهور ـ أي : كونه تعالى بحيث يمكن أن يصدر عنه الفعل والترك بالنظر إلى ذاته ـ ، فانّه بعد ما ثبت انّه ـ تعالى ـ يتمكّن من الصدور واللاصدور بالنظر إلى ذاته فلا بدّ من كونه عالما ، لأنّه مع امكان