الطرفين بالنظر إلى ذاته. فاذا اختار أحد الطرفين لا بدّ له من مرجّح وصدور الفعل لا ينفكّ عن العلم.
وغير خفي انّ اثبات العلم بالقدرة بهذا المعنى لا يستلزم دور ، لعدم توقّف اثبات القدرة بهذا المعنى على ثبوت الشرع.
ومنها : الأدلّة السمعية من الكتاب والسنة والاجماع ، فانّ دلالتها على ثبوت العلم للواجب قطعية بحيث لا يمكن انكارها.
وأورد عليه : بأنّ التصديق بارسال الرسل وانزال الكتب يتوقّف على التصديق بعلمه ـ تعالى ـ وقدرته ، فلو توقّف ثبوت العلم عليه لزم الدور ؛
وأجيب عنه : بمنع التوقّف ، فانّه اذا ثبت صدق الرسل بالمعجزات حصل العلم بكلّ ما أخبروا به وإن لم يخطر بالبال كون المرسل عالما.
وردّ هذا الجواب : بأنّ المجيب إن اراد بالخطور الّذي نفاه الخطور التفصيلى بأن يكون المراد انّه اذا ثبت صدق الرسل بالمعجزات حصل العلم بصحة ما اخبروا به وان لم يكن كون المرسل عالما ملتفتا إليه لنا ملحوظا بالتفصيل ، فنسلّم جواز ذلك ؛ لكن هذا لا ينفي التوقّف على وجوب أصل علمنا بكون المرسل عالما وان لم يكن ملتفتا إليه في هذا الوقت ، فاللازم على هذا ليس إلاّ جواز كون الالتفات إلى علم المرسل مستفادا من الشرع لا جواز كون أصل العلم مستفادا منه ؛ مع انّ الكلام في أصل العلم.
وإن أراد بالخطور حصول أصل العلم حتّى يكون غرضه انّه يجوز أن لا يكون أصل العلم معلوما لنا إلاّ بالشرع فهو مكابرة ؛ انتهى.
وأنت خبير بانّه لا بدّ في ثبوت النبوّة من العلم بكون المرسل عالما وكونه ملتفتا إليه أيضا ، إذ لو لم يلتفت إليه فلا يحصل العلم بصدقه ولا يجدي علمنا به لو لم يلاحظه في هذا الوقت. فما ذكره المورد في الترديد ـ من جواز كون الالتفات إلى علم المرسل مستفادا من الشرع وعدم توقّف العلم بصحّة ما أخبر به الشرع على الالتفات وان توقّف على أصل العلم ـ لا يخفى قبحه.
نعم! ، يمكن أن يقال : إنّ حصول العلم لنا بذلك في وقت واستقراره في ذهننا و