وقال بعض المشاهير : « ظنّي انّه لم ينف أحد من العقلاء علم الواجب بالذات ـ تعالى ـ ، بل البعض انّما نفوا العلم التفصيلي قبل ايجاد الأشياء في الاعيان ظنّا منهم انّ هذا هو العلم ـ كما يدلّ عليه الدليل الّذي استدلّوا به ـ. والبعض الّذي نفوا العلم بذاته ـ تعالى ـ انّما نفوا العلم الزائد على الذات ـ كما يشعر به دليلهم ـ » ؛ انتهى.
وتوضيح ما ذكره : انّ بعض من نفوا العلم انّما نفوا العلم التفصيلى قبل الايجاد ـ وان نفوا بحسب اللفظ العلم المطلق قبل الايجاد ـ لظنّهم إنّ العلم منحصر في العلم التفصيلي. ولمّا نفوه عن الواجب ـ تعالى ـ قبل ايجاد الأشياء في الاعيان ظنّوا انّه ـ تعالى ـ ليس عالما بالاشياء في ذلك الوقت أصلا فهؤلاء لم ينفوا العلم مطلقا ، لانّهم لم ينكروا العلم بذاته ـ تعالى ـ أصلا. وأيضا لم ينكروا العلم بالاشياء بعد ايجادها ، بل انما انكروا العلم بالاشياء قبل ايجادها ، وذلك أيضا بناء على زعمهم من انحصار العلم في التفصيلي وإلاّ فما ذكروه لا ينف العلم الاجمالي قبل ايجاد الاشياء.
وأيضا : غير خفي عليك انّ المخالفين لعلم الواجب ـ تعالى ـ على النهج الّذي هو الحقّ وثبت من العقل والنقل فرق كثيرة ـ على ما هو المذكور في الكتب الكلامية ـ ؛
الفرقة الاولى : من أنكر علمه ـ تعالى ـ رأسا ؛
الثانية : من قال : انّه ـ تعالى ـ لا يعلم الحوادث قبل وقوعها ؛
الثالثة : من قال : انّه ـ تعالى ـ لا يعلم غيره مع كونه عالما بذاته ؛
الرابعة : من قال : انّه ـ تعالى ـ لا يعلم الجزئيات المتغيّرة المتشكّلة / ١٣٦ MA / المتبدّلة ؛
الخامسة : من قال : انّه ـ تعالى ـ لا يعلم نفسه وان علم غيره.
وسنشير ـ إن شاء الله ـ إلى أدلّة المخالفين وشبههم مع جوابها.
فالقائل المذكور إن كان مراده انّ الفرقة الاولى لم ينكروا العلم رأسا ، بل إنّما نفوا العلم التفصيلي قبل ايجاد الأشياء فهو مخالف لظاهر تصريحاتهم ـ على ما هو المنقول منهم ـ ؛
وان كان مراده انّ الفرقة الثانية انّما نفوا العلم التفصيلى قبل ايجاد الأشياء فهو ممنوع ، إلاّ أنّ ذلك لا ينفي وجود الفرقة الاولى بعد تصريح جماعة ـ منهم المحقّق الطوسى وصاحب المواقف ـ مع أنّ دليل هؤلاء ـ أعني : الفرقة الثانية ـ كما تعلم وانّ دل على أنّ غرضهم نفى