المعلومات ويتحد هناك المدركات والادراكات ، ولا يتعدّدان الاّ بالاعتبار وتغايرها المدرك ـ.
ثمّ قال : وادراكه لمعلولاته البعيدة بارتسام صورها في معلولاته القريبة الّتي يعبّر عنها تارة بالكتاب المبين وتارة باللوح المحفوظ ويسمّيها الحكماء بالعقول الفعّالة وهي مرتسمة بجميع الصور الكونية » (١) ؛ هذا.
ولو لا تصريحه هذا في شرح الرسالة لم يبعد أن يدّعى انّ مختاره في العلم مذهب الشيخ الاشراقي من كون علمه بالجميع حضوريا وعدم كونه بالصور في موجود أصلا ، لما عرفت من انّ كلامه في شرح الاشارات لا يأبأ عن حمله على ذلك.
ثمّ الحقّ انّ مذهب الشيخ الرئيس في العلم هو المذهب الرابع ـ أعنى : كون علمه تعالى بجميع الأشياء بالصور المرتسمة في ذاته تعالى ـ ، لا المذهب الخامس ـ أي : كون علمه تعالى بما عدا المعلول الأوّل بالصور المرتسمة في هذا المعلول ـ. وقد صرّح جماعة بأنّ مختاره هو المذهب الخامس في جميع كتبه. وقيل هو متحيّر بين المذهبين في الشفا ولكنّه اختار المذهب الرابع / ١٣٤ DB / في الاشارات.
ولا بدّ لنا من نقل عباراته حتّى يظهر جلية الحال. قال في الشفا : « انّ المعقول قد يؤخذ من الشيء الموجود كما اخذنا من الفلك بالرصد والحس صورته المعقولة ، وقد يكون الصور المعقولة غير مأخوذة عن الموجود بل بالعكس ، كما انّا نعقل صورة بنائية نخترعها تكون تلك الصورة المعقولة محرّكة لأعضائنا إلى أن نوجدها ، فلا يكون وجدت فعقلناه ولكن عقلناه فوجدت. ونسبة الكلّ إلى العقل الأوّل الواجب الوجود هو هذا ، فانّه يعقل ذاته وما يوجبه ذاته المعقولة من صورة الموجودات على النظام المعقول عنده لا على أنها تابعة اتباع الضوء للمضيء والاسخان للنار ، بل هو عالم بكيفية نظام الخير في الوجود وانّه ـ تعالى ـ بان هذه العالمية يفيض عنها الوجود على الترتيب الّذي يعقله خيرا ونظاما » (٢) ؛ انتهى.
__________________
(١) راجع : شرح رسالة مسئلة العلم ، ص ٢٨.
(٢) راجع : الشفا / الالهيات ، ص ٣٦٣.