جميع المهيات البسيطة متصفة بلوازمها. فالماهيات البسيطة مع بساطتها وعلّيتها موصوفة بلوازمها أيضا ، فلو كان مطلق الموصوفية موجبا للتركيب لزم كون تلك المهيات مركّبة ، وهو خلاف الواقع. فغرض الشيخ انّ محلّية الواجب لتلك انّما هو من حيث حصولها عنه وكونه علّة لها ، لا من حيث كونه قابلا لها ؛ فلا يتحقّق التركيب.
الثالثة : لزوم كون ذات الواجب متصفا بصفات زائدة غير اضافية وغير سلبية ، فاشار الشيخ إلى دفعه بقوله : « وانّما له إليها اضافة المبدأ » ، أي : تلك الصور العلمية ليست إلاّ صفات اضافية وليست هي صفات حقيقية ، إذ في الصور العلمية من حيث هى صور علمية يعتبر فيها الاضافة إلى المعلومات النسبية ، وإذا كانت لها صفات اضافية فلا ضير في كونها زائدة ، إذ امتناع اتصاف الواجب بصفات زائدة إنّما هو للزوم كونه فاقدا لصفة الكمال في مرتبة ذاته ، والصفات الاضافية ليست بأنفسها كمالات له ـ تعالى ـ ، بل كماله ـ تعالى ـ إنّما هو أن يكون بحيث يفيض عنه تلك الصفات ـ أي : الصور العلمية فيما نحن فيه ـ ، لا نفس هذه الصورة.
الرابعة : لزوم كون المعلول الأوّل للواجب غير مباين عنه بل قائما بذاته ، لانّ المعلول الأوّل هو تلك الصور العلمية لا الأعيان الخارجية ، وتلك الصور قائمة بذاته ـ تعالى ـ.
والشيخ لم يتعرّض لدفع هذه المفسدة الرابعة ، وأجاب عنه آخرون : بأنّ لزوم مباينة المعلول عن العلّة انّما هو إذا كان المعلول أمرا خارجيا بأن يكون المعلول بعد صدوره عن العلّة مباينا عنه ، لا إذا كان صورا علميا ، فان المباينة غير لازمة.
وأنت خبير بأنّ التعرّض لهذه المفاسد وأجوبتها هنا انّما هو لتحقيق مذهب الشيخ ، والاّ فالتعرّض لها هنا غير مناسب ، لكوننا بصدد تحرير المذاهب لا تحقيقها. وستعلم حقيقة الحال في صحّة هذه الأجوبة وعدمها.
ثمّ عبارات الشيخ في التعليقات أيضا تنطبق على ما ذكر ، فانّه قال فيه : « تعقّل الاول ـ تعالى ـ تعقّل بسيط لذاته وللوازم عنها وللموجودات كلّها ـ حاصلها وممكنها ، أبديّها وكائنها ، وفاسدها ، وكلّيها وجزئيها إلى أقصى الوجود معا لا بقياس وفكر وتعقّل في المعقولات ، فانّه يعقلها كلّها على الترتيب السببي والمسببي. وهو