السابع : ما ذهب إليه شيخ الاشراق ومتابعوه ـ كشارح التلويحات ، والعلاّمة الشهرزوري ، بل أكثر من تأخّر عنه ، وهو : انّ علمه ـ تعالى ـ بجميع الأشياء بحضور نفس الأشياء له ـ تعالى ـ وانكشاف ذواتها عنده بدون حاجة إلى حضور صور زائدة على ذواتها ، فعلمه بها نفس وجوداتها العينية.
والفرق بين هذا المذهب والمذهب الخامس ـ : المختار للمحقّق الطوسي ـ انّه على هذا المذهب يكون العلم بجميع الأشياء حضوريا ، وعلى مذهب المحقّق يكون العلم بالمعلولات القريبة حضوريا وبالمعلولات البعيدة حصوليا ـ كما تقدّم مفصّلا ـ.
هذا هو تحرير المذاهب في هذه المسألة.
وإذا عرفت ذلك فلا بدّ لنا من الاشتغال بابطال ما هو الباطل وتحقيق ما هو الحقّ.
فنقول : أمّا المذهب الأوّل / ١٣٦ DB / ـ أعني : مذهب المعتزلة ـ فلا ريب في بطلانه لابتنائه على ثبوت المعدومات ، وهو بديهى البطلان ظاهر الفساد ، والكتب العقلية مشحونة بابطال شيئية المعدوم وتحقّق الواسطة بين الموجود والمعدوم. وكيف يجوّز عاقل أن يكون المعدوم الصرف والليس المحض ثابتا في نفس الأمر؟ ، وما معنى هذا الثبوت؟.
وممّا يدل على فساده : انّ نفس الوجود ليس عند المعتزلة بموجود ولا بمعدوم ، فيكون هو أيضا من المعدومات الثابتة قبل صدورها عن جاعله ، وايجاد المعدوم الثابت إنّما هو بافادة الوجود وافاضته عليه ، لانّ الفرق بين الثابت المعدوم والموجود الخارجى لا يتصوّر إلاّ بافاضة الوجود عليه ، واخراجه عن عدمه لا يعقل إلاّ بذلك. فلو حصل نفس الوجود في الخارج بمجرّد افاضته من دون افاضة الوجود عليه لم يكن لثبوته في الخارج معنى ولم يكن ذلك الثبوت معنى زائدا على نفس الوجود ، فيلزم حينئذ أن يفيض الفاعل الوجود على الوجود ؛ وهم لا يقولون به. مع انّه يعود الكلام حينئذ في وجود الوجود ويلزم التسلسل.
وان قالوا : انّ الوجود ثابت في نفسه ومحقّق في الخارج ولا يحتاج إلى تاثير من الفاعل ؛