لزم عدم كون الفاعل مفيدا لشيء على المهيات ، فيلزم كون الفاعل معطّلا.
وأمّا المذهب الثاني ـ أعني : مذهب افلاطون الإلهي ، وهو القول بالمثل ـ : فقد عرفت انّ الشيخ فسّر المثل بالصور المفارقة على الترتيب الموضوعة في صقع الربوبية.
وقال بعض اهل التحقيق : المثل الافلاطونية في باب العلم مفسّرة بالصور العلمية المتعلّقة الموجودة لا في موضوع ولا في محلّ ولا في زمان ولا في مكان ، وفي باب اثبات وجود الكلّي الطبيعي مفسّرة بالطبائع المرسلة الموجودة في متن الدهر وحاقّ الاعيان لا بشرطيتها من حيث هى متمايزة في عالم الأمر عن الافراد وراء ما لها من الوجود في عالم الخلق ـ يعنى وجود الأفراد مخلوطة بها غير متميزة عنها ـ. وفي باب تفصيل العوالم مفسّرة بعالم المثال المتوسّط بين عالم الغيب والشهادة برزخا بين المجرّد والمادّي. وفي مقام اثبات الصور النوعية مفسّرة بالجواهر العقلية الّتي هي ارباب الانواع الموكّلة على جملة هياكل أشخاص نوع نوع بالتدبير والتسخير ، كما أنّ النفس المجرّدة بالقياس إلى تدبير هيكل شخص بعينه. وإن هي إلاّ ضرب من الملائكة المجرّدة وخليفة ربّ النوع المفارق لطبيعة الجزئية الجسمانية والصور الجوهرية المنطبعة ؛ وهذه ضرب من الملائكة الجسمانية. وليعلم أنّها بما عدا التفسيرين الاخيرين باطلة عند المحقّقين بالبراهين العقلية ؛ انتهى.
ثمّ لا يخفى انّ بطلان المثل بالمعنى المفسّر هاهنا في غاية الظهور ، وقد بيّن فساده المعلم الثاني والشيخ الرئيس في إلهيات الشفا.
وممّا يرد عليه : انّه لا ريب في أنّ تلك الصور موجودات عينية لا ذهنية ، فننقل الكلام إلى كيفية علمه ـ تعالى ـ بتلك الصور العينية قبل وجودها ، فان كان بصور موجودة عينية أخرى ـ وهكذا الكلام فيها أيضا ـ لزم التسلسل ؛ وان كان بصور ذهنية لزم ما هرب القائل بالمثل عنه أعني : التكثّر في ذاته تعالى ـ ؛ وإن كان بحضور انفسها عنده ـ تعالى ـ نقول : ان كان العلم الحضوري بالأشياء متوقّفا على وجود تلك الأشياء في الخارج لزم عدم كونه عالما قبل وجود تلك الصور وعدم كونه عاقلا في مرتبة ذاته ـ تعالى عنه علوّا كبيرا ـ ، وان لم يكن متوقّفا على وجودها فأيّ مانع حينئذ من القول