وجوده وجودا تامّا وانّما يمتنع ان يكون ذاته محلاّ للأعراض ينفعل عنها أو يستكمل بها. أو يتصف بها بل كماله في انّه بحيث يصدر عنه هذه اللوازم لا في انّه يوجد له ، فاذا وصف بانّه يعقل هذه الأمور فانّه يوصف به لأنّه يصدر عنه هذه ، لا لأنّه محلّه ».
وأنت تعلم انّ حاصل هذا الجواب انّ هذه الصور العلمية موجودة بعد الذات / ١٤١ MA / وليست كمالات حقيقية له ، بل كماله ـ تعالى ـ كون ذاته بحيث يصدر عنه هذه الصور ويصير منشأ لارتسامها في ذاته ، فلا تكون زيادتها قادحة في كماله ولا يوجب فقدانا لما هو الكمال في مرتبة ذاته. وذلك كما انّ ايجاد الموجودات العينية مع كونه بعد مرتبة الذات لا يوجب فقدانه لما هو كمال في مرتبة ذاته ، ولا اتصافه بصفات زائدة. فكما انّ ايجاده للأشياء العينية بعد مرتبة ذاته لا يوجب له نقصا وكونه فاقدا للكمال فكذا منشئيته لارتسام تلك الصور في ذاته لا يوجب ذلك.
وغير خفي انّ هذا الجواب لا يدفع الشبهة ، لأنّ تلك الصور العلمية إذا لم تكن متحقّقة في مرتبة الذات ولم تكن كمالات حقيقية له معه لزم أن لا يكون الواجب ـ سبحانه ـ عالما في مرتبة ذاته ، لانّ الفرض انّ العلم بالاشياء وانكشاف الأشياء له ـ تعالى ـ موقوف على قيام تلك الصور بذاته ـ تعالى ـ ، وإن كانت متحقّقة في مرتبة ذاته وكانت كمالات له ـ تعالى ـ لزم كونه ـ تعالى ـ موصوفا بصفات حقيقية كمالية في مرتبة ذاته. والقياس على الايجاد باطل ، لأنّ تحقّق الايجاد في مرتبة ذاته نقص في حقّه ، بل يجب تأخّره عن ذاته وكماله ـ سبحانه ـ انّما هو ذلك للزوم اقدمية العلّة على المعلول ، وعدم قبول الممكن من حيث هو ممكن الوجود في مرتبة الواجب.
وأمّا العلم فيجب تحقّقه في مرتبة ذاته ـ سبحانه ـ ، وإلاّ لزم جهله في مرتبة ذاته ، وهو كفر وزندقة. على انّه لو سلّم انّ تلك الصور ليست كمالات له فيكون الأوّل ـ تعالى ـ واجبا بذاته من دون مدخلية تلك الصور في وجوب وجوده وفي سائر كمالاته الّتي من جملتها العلم بكلّ شيء قبل الايجاد ، فلا دخل لها لانكشاف الأشياء قبلها ، فلا فائدة حينئذ في تجويز تلك الصورة وارتسامها في ذاته ـ تعالى ـ.
فان قلت : تلك الصور وإن لم تكن كمالات له ـ تعالى ، كما اشار إليه بهمنيار بقوله :