مباينته للعلّة ممنوع ، بل هو عين النزاع ؛ مع أنّ تلك الصور مباينة لذات الواجب ليست عينها. نعم! ليست موجودة خارجة عن ذاته ، فلو أريد بعدم مباينتها لذات الواجب قيامها بذاته ـ تعالى ـ وعدم وجودها في الاعيان ففيه : انّ عدم المباينة بهذا المعنى لا بأس به والقائلون بالعلم الحصولي يلتزمونه ؛ ولو أريد به كونها عين ذات الواجب ـ تعالى ـ واتحادها معه ـ تعالى ـ فهو ممنوع. والحقّ انّ هذا الجواب صحيح ، فالوجه الرابع لا تنتهض حجة على القائلين بالعلم الارتسامى.
وامّا الوجه الخامس فربما يجاب عنه : بأنّ توسّط تلك الصور وانكشاف الأشياء له ـ تعالى ـ وصدورها عنه ـ سبحانه ـ لا مانع له ، لكونها صادرة عنه ـ سبحانه ـ وتوسيط بعض معلولاته في صدور بعض آخر جائز ، كما في كون بعض الأشياء وسائط وشروطا لبعض آخر.
وأنت خبير بضعف هذا الجواب ، لانّا لو سلّمنا انّ كون بعض الممكنات لبعض الممكنات وسائط وشروطا لصدور بعض آخر جائز ، فلا نسلّم انّ كون بعضها وسائط وشروطا لعلمه ببعض آخر أيضا جائز ، فانّ هذا موجب لنقصه ـ سبحانه ـ / ١٣٨ DB / واحتياجه وعدم منشئيته بحسب ذاته المقدّسة وصرف وجوده التامّ للعلم ، وسبب لكونه ـ تعالى ـ جاهلا في مرتبة ذاته ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ. وبالجملة عدم قبول بعض الممكنات الافاضة منه ـ سبحانه ـ بلا واسطة وعدم استعداده لذلك جائز لعدم لزوم نقص في حقّه ـ سبحانه ـ بعد قدرته على ايجاده بالنظر إلى ذاته بلا واسطة. وأمّا عدم قبوله لانكشافه عنده ـ تعالى ـ بدون الواسطة فهو نقص في حقّه وموجب لعدم كونه عالما في حدّ ذاته.
ومنها ـ أى : ومن الوجوه الدالّة على بطلان العلم الحصولي ـ : انّه لو كان علمه ـ تعالى ـ بالاشياء حصوليا لكان مناط علمه بالاشياء هو تلك الصور. فنقول : ايجاد تلك الصور إمّا أن يكون مسبوقة بصور أخرى ، أم لا : فعلى الأوّل ننقل الكلام إلى تلك الصور السابقة ... وهكذا ، فيلزم التسلسل ؛ وعلى الثاني يلزم إمّا صدور تلك الصور عنه ـ تعالى ـ بلا شعور كصدور افعال الطبائع عنها ـ وهو محال في حقّه أو كونه ـ تعالى ـ عالما بها في