مرتبة ذاته المتقدّمة على وجودها بالعلم الحضوري ، وهو يوجب جواز عالميته ـ تعالى ـ بالشيء بالعلم الحضوري قبل وجوده ، فليجوّز ذلك في جميع الأشياء ، إذ لا مخصّص لجواز ذلك في الصور العلمية دون سائر الأشياء.
وبتقرير آخر نقول : تلك الصور المرتسمة في ذاته ـ تعالى ـ إمّا أن تصير موجودة منه ـ تعالى ـ دفعة من غير ترتيب بينها ، أو تصير موجودة على الترتيب كترتيب الأشياء ذوات الصور في الوجود العيني ، فعلى الأوّل يلزم صدور الكثرة عن الواحد الحقّ من جهة واحدة ، بل يلزم جهله سبحانه في مرتبة ذاته ، لأنّ تلك الصور لصدورها عنه ـ تعالى ـ لا يكون موجودة في مرتبة ذاته لوجوب تأخّر المعلول عن العلّة ، فلا يكون عالما بالأشياء وبتلك الصور في مرتبة ذاته ـ لكون تلك الصور هي مناط العلم بناء على العلم الصورى ـ ؛ وعلى الثاني يلزم عدم علمه بتلك الصور قبل ايجادها ، لكونها من الأشياء الصادرة عنه ـ تعالى ـ وتوقّف علمه بما يصدر عنه على ارتسام صورته وعدم امكان ارتسام صور الصور في ذاته ، وإلاّ لزم التسلسل. فتعيّن عدم كونه عالما بتلك الصور قبل ايجادها ، بل بالاشياء وذوات الصور أيضا قبل ايجاد صورها ؛ وبطلان ذلك ظاهر.
وأجيب عنه : بأنّ هذه الصور المعقولة نفس وجودها عنه ـ تعالى ـ نفس تعقّله لها لا تمايز بين الحالين ولا ترتيب لأحدهما على الآخر ، فهي من حيث موجوديتها معقولة ومن حيث معقوليتها موجودة.
والحاصل : انّ ايجاده ـ تعالى ـ تلك الصور عين علمه بها ، فلا حاجة إلى اثبات علم آخر ، لأنّ كلّ ايجاد لا يكون نفس العلم فيحتاج في وقوعه عن الفاعل المختار إلى علم سابق وتصوّر يكون مبدأ لذلك الايجاد. وأمّا إذا كان نفس الايجاد نفس العلم فلا يتوقّف على علم آخر به يتحقّق الايجاد الّذي هو نفس العلم.
وأنت خبير بأنّ هذا الجواب غير صحيح ؛
أمّا أوّلا : فلأنّ موجودية هذه الصورة هو قيامها بالذات وتحقّقها فيها ، والمعقولية هو انكشافها عندها ؛ ولا ريب في انّ قيام الشيء وتحقّقه في الخارج أو في ذات أو في ذهن مغاير لنفس الانكشاف / ١٤٢ MA / وان استلزم قيامه بالمجرّد