لها وكونها اعتبارية.
الثالثة : قولهم : « العلم التامّ بالعلّة التامّة يوجب العلم التامّ بالمعلول » ، يحتمل في بادى النظر وجوها أربعة :
الأوّل : انّ العلم بماهية العلّة التامّة مطلقا ـ أي : من حيث هي ولو قطع النظر عن وجودها وعلّيتها ـ يوجب العلم بالمعلول.
الثانى : انّ العلم بالعلّة من حيث انّها علّة ـ أي : من حيث انّها معروضة لهذا المفهوم الاضافي ولو قطع النظر عن جميع ما عداه ـ يوجب العلم بالمعلول.
الثالث : انّ العلم من جميع الوجوه والحيثيات واللوازم والملزومات والعوارض والمعروضات يوجب ذلك.
الرابع : انّ العلم بتمام حقيقتها الّتي بها علّة تامّة يوجب ذلك ، بمعنى انّ الموجب للعلم بالمعلول هو العلم بتمام الحقيقة الّتي تتمّ بها العلية ، ولا يحتاج معها في العلّية إلى أمر آخر بحيث أيّ قيد آخر أخذ وأيّ حيثية أخرى لوحظت يكون خارجا عمّا هو العلّة التامّة لوجود المعلول ، إذ لو لم يكن خارجا لم يكن ما فرض علّة تامّة علّة تامّة ، فكلّ ما له مدخلية في العلّية من الجهات والحيثيات يضمّ إلى العلّة حتّى ينتهى إلى شيء هو لذاته موجب تامّ لوجود المعلول ، وكلّ ما هو خارج عنه لا يكون له مدخلية في العلية. فالعلم بمثل هذا الموجب يوجب العلم بالمعلول. ولا ريب في أنّ وجود هذه العلّة له مدخلية في العلّية أيضا ، بل هو العلّة بالحقيقة. فعلى هذا الوجه يكون معنى قولهم : العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول : إنّ العلم بوجود العلّة وبغيره ممّا له مدخلية في تمامية العلّة يوجب العلم بالمعلول.
ثمّ لا يخفى انّ الوجه الأوّل ليس مراد القوم ، إذ لا ريب في أنّ العلم بماهية العلّة من حيث هي لا يوجب العلم بالمعلول مطلقا ، وقد تقدّم ذلك. غاية الأمر صحّة هذا الوجه وجريانه في لوازم المهيات.
وكذا الوجه الثاني أيضا ليس مرادهم ـ لعدم الفرق فيه بين العلم بالعلّة والعلم بالمعلول في استلزام احدهما للآخر وعدمه ـ. وامّا الوجه الثالث وان كان صحيحا في