نفسه إلاّ انّه ليس أيضا مراد القوم ـ لعدم الفائدة فيه ـ. فتعين أن يكون مراد القوم من المقدّمة القائلة بأنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول هو الوجه الرابع. فمرادهم منها : انّه إذا كان شيء لذاته بلا اعتبار أمر آخر علّة وموجبا لمعلول فمتى علم علم كونه علّة لذلك المعلول ومتى علم كونه علّة له وجب أن يحصل العلم به ـ أي : بذلك المعلول ـ.
والحاصل : انّ كلّ معلول من لوازم علّته التامّة بما هي علّة تامّة ، فكذلك العلم به من لوازم العلم بها. ولكون العلّة التامّة بما هي علّة تامّة ماهية أخذت معها الانية ـ أي :
الوجود ـ أو نفس الانية فلا يرد انّه يلزم حينئذ أن يكون جميع المعلولات أمورا اعتبارية نظرا الى توهّم كون العلّة التامّة مجرّد الماهية. وقد تقرّر انّ لوازم المهيات أمور اعتبارية.
والحاصل : انّه وقع في هذا الايراد الاشتباه بين لوازم المهيات من حيث هى من غير اعتبار الوجود معها وبين لوازمها من حيث اعتبار الوجود معها ، فانّ المهيات على قسمين :
أحدهما : المهيات الّتي هي نفس الانيّات ، أو الّتي يؤخذ معها شيء منها ؛
وثانيهما : المهيات الّتي هى غير الانيّات وغير المأخوذة معها شيء منها. ولوازم القسم الأوّل لا تكون اعتبارية ، لأنّها لوازم الوجود الخارجى الّذي هو عين الماهية بهذا المعنى أو معتبر فيها ، وهى موجودة به ؛ بخلاف لوازم القسم الثاني ، فانّها لا تكون إلاّ اعتبارية ـ لعدم مدخلية الوجود في لزومها ـ. ولا ريب في أن العلّة التامّة من حيث هى علّة تامّة من القسم الأوّل دون الثاني ، فلوازمه تكون موجودة لا اعتبارية.
وإذا تقرّرت تلك المقدمات نقول : يلزم أن يكون الواجب ـ تعالى ـ بوجوده / ١٤٠ DA / الّذي هو عين ذاته سببا تامّا لوجودات جميع الممكنات بحكم المقدّمة الثانية ؛
وأن يعلم معلولاته لعمله بوجوده الّذي هو تمام حقيقته الّتي هي علّة تامة بحكم المقدمة الثالثة ؛
فيجب / ١٤٣ MA / أن يعلم معلولاته بما هي معلولاته ـ أي : بحسب كونها موجودة لا بمجرّد ماهيتها من حيث هى هى مع قطع النظر عن خصوص وجوداتها ـ ، لانّها من تلك الحيثية فقط ليست معلولة له كما علمت من المقدّمة الثانية أيضا. والعلم بها من حيث