صورة الجسم المرتسمة في ذاته انّها جسم خارجي ولا انّها جوهر خارجي ، فلا تكون لوازم خارجية. وغير خفي انّ اشتراط الأمر الثاني في اللزوم الخارجي غير ظاهر ، وليس مصرّحا به في كلام القوم ، ولا يقتضيه دليل ولا برهان ؛ فانّ القدر الملخّص ممّا يعتبر في لوازم الوجود الخارجي كونها موجودا في الخارج بحيث يترتّب عليه الآثار الخارجية. ولا ريب في أنّ الصور المرتسمة في ذاته ـ تعالى ـ على فرض تحقّقها وارتسامها موجودة في الخارج كما انّ الواجب موجود فيه ، لانّ المحلّ إذا كان موجودا خارجيّا يكون حاله القائم به أيضا كذلك. ويترتّب عليها أيضا الآثار الخارجية لأنّها تصير بزعمهم منشأ لصدور الموجودات عنه ، وكلّ منها يصير سببا لارتسام أخرى. ولو اعتبر هذا الأمر في اللازم الخارجي لزم أن لا يكون شيء من الصور المرتسمة في النفس شيئا من اللوازم الثلاثة ؛ أمّا عدم كونها لوازم الماهية فظاهر ؛
وأمّا عدم كونها لوازم الوجود الخارجي فلما ذكر في الصور المرتسمة في ذاته ـ تعالى ـ بعينه ، لأنّها ليست حقائق خارجية ، فانّ صورة الجسم المرتسمة في النفس لا يصدق عليها أنّها جسم خارجي أو جوهر خارجي ، وقس عليها سائر الحقائق من الجواهر والاعراض ؛ وأمّا عدم كونها من لوازم الوجود الذهني فلأنّ لازم الوجود الذهني هو أن لا يتصف به الملزوم في الخارج أصلا ، وإذا / ١٤١ DA / حصل في أي ذهن اتصف به فيه. ولا ريب في أنّ الصور المرتسمة في النفس يتصف النفس بها في الخارج والخارج ظرف وجودها ، وإذا حصلت النفس في أيّ ذهن ومدرك لا تحصل تلك الصور معها.
فان قيل : الصور المرتسمة في النفس ليست لوازم لها حتّى يجب أن يكون واحدا من اللوازم الثلاثة ، بل هى عوارض لها ؛ وحينئذ لا يرد النقض بها ؛
قلنا : لو سلّم ذلك نقول : انّ العوارض أيضا منحصرة في الاقسام الثلاثة ، ولا يخلو عارض عن أحدها ؛ والبيان المذكور يجري في عدم كونها شيئا من العوارض الثلاثة.
فالحقّ انّ الامر الثاني ليس شرطا في اللازم الخارجي ولا في عارضه. وقيام الشيء في ذات خارجية وكون الخارج ظرفا لوجوده يكفي في كونه لازما خارجيا أو عارضا كذلك ، ولو لم يكف ذلك لزم عدم كون شيء من الاخلاق والصفات القائمة بالنفس