وعلى الثاني : يلزم أن يكون وجود المعلول الأوّل وعقل الواجب له شيئا واحدا وحيثية واحدة بلا اختلاف إلاّ بحسب العبارة لاتحاد علّيتهما ؛
وكذا يلزم اتحاد وجود المعلول الثاني وعقل الواجب أو المعلول الأوّل له من غير تغاير يقتضي مباينة احدهما للاول ـ تعالى ـ واستقلاله في الوجود ومقارنة الثاني له ـ تعالى ـ وحلوله فيه ـ كما هو كذلك عند القائلين بالعلم الصوري ـ.
ومنها : ما أورده بعض أفاضل المتألّهين في ابطال العلم الحصولي مطلقا ـ أي : سواء كان في علم الباري ـ سبحانه ـ أو علم النفس ـ ، وهو : انّه لو تحقّق علم حصولي لكان العلم إمّا نفس حصول الصورة أو نفس الصورة أو أمرا لازما لحصول الصورة ؛ والأوّلان باطلان ـ وإلاّ يصحّ أن يشتقّ من الحصول والصورة ما يتصف به الواجب أو النفس كالحاصل او المصوّر ويفيد ما يفيد العالم ، وليس الامر كذلك ـ ؛ والثالث أيضا باطل ، لانّ الصورة الّتي جعلوها ملزوما للعلم إمّا أن تكون مباينة لذي الصورة ، أو تكون مساوية له ؛ والأوّل يوجب كون المباين للشيء معرفا له ، وهو بديهى الفساد ؛ والثاني يوجب مساوات الصورة وذي الصورة في جميع اللوازم والذاتيات ـ لعدم ثبوت المساوات الكلّي بينهما بدون ذلك ـ ، وهو أيضا خلاف الواقع.
ومنها : انّ العلم بانكشاف ذوات الأشياء بوجوداتها العينية أتمّ في باب العلم من ارتسام صورها ، لانّ المعلوم بالذات والمنكشف بالحقيقة في العلم الصوري هو الصورة / ١٤١ DB / دون الاعيان الخارجية. ولا ريب في أنّ العلم بذات الشيء ووجوده العيني أتمّ من العلم بصورته ، وحصول الأتمّ للواجب ممكن في حقّه ، فيجب اتصافه به دون الأنقص ـ لأنّه نقص في حقّه ـ.
ومنها : انّ القول بالعلم الصوري مناف للابداع ـ لانّه هو الايجاد من غير مثال ـ ، وعلى العلم الصوري يتحقّق ايجاد كلّ شيء بمثال محقّق قبله. وهو خلاف ما ثبت من شرائع الأنبياء ونصّ عليه ائمّتنا النقباء ـ عليهم افضل التحية والثناء ـ ؛ وفي الخبر عن الباقر ـ عليهالسلام ـ انّه قال : انّ الله ابتدع الأشياء بعلمه على غير مثال كان قبله (١).
__________________
(١) راجع : بحار الانوار ، ج ٥٧ ص ٨٥.