هذه هي الوجوه الّتي تدلّ على بطلان العلم الحصولي. وقد عرفت انّ اكثرها تامّة وهي كافية لاثبات المطلوب ، فعدم تمامية بعضها غير قادح. وبذلك يظهر انّ القول بالعلم الحصولي ظاهر الفساد.
ثمّ انّ القائلين به قد احتجّوا عليه بأن الله ـ تعالى ـ يعلم ذاته ، وذاته سبب تامّ للأشياء والعلم بالسبب التامّ للشيء يوجب العلم بذلك الشيء ، فذاته ـ تعالى ـ يعلم جميع الأشياء في الأزل ، فلا بدّ أن يكون لها فيه امّا الوجود العينى أو الصوري لتحقّق العلم فيه ، إذ لو لم يكن للأشياء وجود أصلا ـ لا عينا ولا صورة ـ لم يتحقّق العلم بها ، إذ العلم يستدعي التعلّق بين العالم والمعلوم سواء كان نفس التعلّق والاضافة أو صفة موجبة له ، والتعلّق بين العاقل والمعدوم الصرف محال ـ لاستلزام النسبة تحقّق الطرفين بوجه ـ ؛ لكن تحقّق الأشياء في الأزل بوجودها الخارجي محال ـ والاّ لزم قدم الحوادث ، وهو محال عند الكلّ ـ ، فبقى كونها موجودة بالوجود الصوري قبل وجودها الخارجي ، لا في الخارج مباينا عن ذاته ـ تعالى ـ ليلزم المثل الافلاطونية ، بل في ذات الباري ؛ وهو المراد بالعلم الحصولي.
وأورد عليه : بانّه منقوض بالقدرة الازلية المتعلّقة بالحوادث المقتضية لنسبة ما بين القادر والمقدور مع عدم توقّفها على وجود المقدور ضرورة.
واعترض عليه بأنّ مثل هذه النسبة ـ أي : الذاتية ـ بين القادر والمقدور لا يقتضي وجود الطرفين تحقيقا ، بل يكفي فيها الوجود / ١٤٤ MB / التقديري ، إذ النسبة مطلقا تقديرية.
والوجه أن يقال : النسبة وإن لم يقتض تحقّق الطرفين بالفعل ، لكن تحقّق العلم يقتضيه ، إذ العلم يستلزم انكشاف المعلوم عند العالم والمعدوم الصرف لا منزلة له أصلا حتّى يكون منكشفا ؛ انتهى.
واجيب عنه : بأنّ الفرق بين القدرة والعلم في حقّ الله ـ تعالى ـ بكون أحدهما يستدعى التعلّق دون الآخر غير صحيح ، لانّ صفاته الحقيقية كلّها معنى واحد وحقيقة واحدة هي ذاته الأحدية. ولا يجوز قياس قدرته ـ تعالى ـ على قدرتنا ، فانّ القدرة فينا