نفس القوّة واستعداد الفاعلية وفي الواجب محض الفعل والتحصيل ـ لبراءته عن شائبة الامكان والاستعداد ـ ، فوزان علمه وقدرته في تعلّقهما بالممكنات واحد من غير تفاوت ؛ انتهى.
أقول : غير خفي انّ كلّ واحد من العلم والقدرة قد يراد به ما هو مبدئه ، وقد يراد به المعنى الاضافي الّذي هو حقيقته ؛ فعلى الأوّل لا فرق بين العلم والقدرة ، لانّ مبدأ كلّ منهما هو الذات الاحدية ، فلا يتصوّر بينهما فرق بوجه ؛ وعلى الثاني نقول : لا ريب في أنّ المراد بالعلم بهذا المعنى هو الانكشاف ، والمراد بالقدرة إمّا امكان الفعل والترك بالنظر إلى الذات أو نفس الفعل أو الترك بالعلم أو المشيئة ، ولا ريب في انّ انكشاف جميع الاشياء عنده ـ أزلا وأبدا وجدت أو لم توجد ـ واجب ، لأنّ خلافه نقص في حقه ـ تعالى ـ ولو بالنسبة إلى بعضها في بعض الاوقات. فالانكشاف من الصفات الكمالية الّتي عدمها نقص وقصور ، فتحقّقها قبل وجود الاشياء أيضا لازم ؛ وامّا القدرة بمعنى نفس الصدور أو اللاصدور فيرجع إلى معنى الفاعلية وهي من الصفات الإضافية الّتي لا يلزم تحقّقها أزلا وأبدا ، بل تحقّقها في مرتبة الذات نقص وقصور لوجوب تأخّر المفعول عن الفاعل. فالقدرة بهذا المعنى لا يلزم وجودها للواجب في حال عدم الأشياء ، وفي حال وجودها يتحقّق وجود طرفي النسبة ، فلا يرد بها نقص مطلقا.
وأمّا القدرة بمعنى امكان الفعل والترك ـ ... إلى آخره ـ ، فهى ذاتيّة له ـ تعالى ـ في الأزل وتحقّقها قبل وجود المقدور لازم ، إلاّ أنّها لا تتوقّف على وجود المقدور ، لانّ كون الذات بحيث يصحّ منه صدور الشيء وعدم صدوره لا يتوقّف / ١٤٢ DA / على وجود هذا الشيء ، اذ وجود هذا الشيء في مرتبة القدرة مناقض لكونه متعلّق القدرة. غاية الامر أن يقال : انّ مقدورية الشيء يتوقّف على وجوده العلمى ، لانّ استواء نسبة الذات إلى فعل الشيء وتركه لا يتحقّق بدون تصور ذلك الشيء ، فلا بدّ من وجوده العلمي. إلاّ أنّ ذلك لا يوجب نقضا على توقّف العلم على الوجود العيني أو الصوري ، لانّ بعد تسليم ذلك غاية الأمر أن يكون العلم أيضا مثله ، فيتوقّف على الوجود الصوري.
وبذلك يظهر اندفاع الايراد المذكور على ما احتجّوا به لاثبات العلم الحصولي ، و