الاضافات ، وهي بهذا الاعتبار متقدّمة على وجود ما تعلّقت به. وليست تلك الصفات بالاعتبار الأوّل صفات كمالية لذات الواجب ـ تعالى ـ ، بل انّما هى صفات كمالية بالاعتبار الثاني ، ففاعليته الّتي هي صفات كمالية له ـ تعالى ـ هو كونه بحيث يتبع وجوده وجود جميع الأشياء الموجودة ، وعالميته بحيث ينكشف له الأشياء ؛ وعلى هذا فقس سائر الصفات الكمالية له ـ تعالى ـ. فكما انّ فاعليته الحقيقية لا تتوقّف على وجود الفعل ـ لأنّ وجود الفعل يتوقّف على كونه فاعلا ـ فلو تحقّق العكس أيضا لزم الدور ، فوزانه في علمه ـ تعالى ـ أن يجعل المعلوم تبعا للعلم لا العلم تبعا للمعلوم ؛ انتهى.
ولعلّك بعد الاحاطة بما ذكرناه آنفا تعلم ما في كلام أبي البركات ، وكلام المجيب المذكور من الاجمال والاخلال ، وتعرف منه في أمثال المقام جلية الحال ؛ هذا.
وربما أيّد القول بالعلم الحصولي بكلام انكسيمالس الملطي حيث قال : « انّ كلّ مبدع ظهرت صورته في حدّ الابداع فقد كانت صورته في علم مبدعه الأوّل ، والصور عنده غير متناهية » ؛ ثمّ قال : « ولا يجوز في الرأي إلاّ أحد القولين : إمّا أن نقول : ابدع ما في علمه ، وإمّا أن نقول : ابدع اشياء لا بعلمها ؛ وهذا القول من المستشنع ، وإن قلنا : ابدع ما في علمه فالصور ازلية بازليته ، وليس يتكثّر ذاته بتكثّر المعلومات ولا يتغيّر بتغيّرها ؛ انتهى.
وأنت خبير بأنّ هذا الفيلسوف أوّل القائلين بالعلم الصوري ومجرّد قوله به / ١٤٢ DB / لا يصير حجّة أو تأييدا لحجّة. وأمّا استدلاله فانّك وان عرفت جوابه من المباحث المتقدّمة إلاّ أنّا نشير أيضا إلى ما أجاب به عنه بعض المحقّقين ؛ وهو انّه قال بعد نقل الكلام المذكور : ويرد عليه وجهان :
أحدهما : انّه لم يتعرّض لكيفية فيضان الصور من الذات بمعنى كونه بالعلم المقدّم أو لا ؛ وعلى الأوّل يرد عليه انّ العلم المقدّم الّذي هو عين الذات ـ دفعا للتسلسل ـ كافّ للعلم بالموجودات العينية ، فما الدليل على فيضان الصور العلمية قبل الايجاد العينى؟! ؛
وعلى الثاني يرد عليه : انّ هذا قول بأنّ الله ـ تعالى ـ ابدع اشياء لا بعلمها وهذا قول مستشنع ـ كما ذكره ذلك الفيلسوف ـ ؛
وثانيهما : انّه يرد عليه انّ هذه الصور إمّا جواهر أو اعراض ، فان كان الأوّل لزم أن