سبيل ما إذا عقله خيرا أوجده ـ ، وننقل الكلام إلى ذلك التعقّل ويلزم التسلسل.
قال بعض المشاهير : ولعلّ الشيخ لم يختر هذا المذهب واختار العلم الحصولي لاعتقاده انّ فيه نفي الاختيار بالنسبة إلى الجوهر العينى الأوّل بناء على انّ الاختيار لا يوجد بدون العلم المتقدّم المحض مع المعلوم نحوا من الاتحاد. وهذا النحو من العلم لا يمكن القول به ، لأنّه لا يكون عين ذات الواجب عند أهل التنزيه ؛ وهو كما ترى.
ثمّ انّا قد أشرنا إلى انّ المحقّق الطوسى اختار هذا المذهب إلاّ انّه صرّح بكونه ـ تعالى ـ عالما بمعلولاته القريبة ـ أعني : العقول ـ وبصور سائر الممكنات المرتسمة فيها بالعلم الحضوري الانكشافي ، وبمعلولاته البعيدة بصورها القائمة بالقريبة ؛ فلا يرد عليه لزوم كون ايجاد المعلولات القريبة غير مسبوق بالعلم ، بل يرد عليه : انّه إذا جاز انكشاف المعلولات القريبة عنده ـ تعالى ـ قبل وجودها فلم لا يجوز ذلك في البعيدة أيضا؟! ، وأيّ داع إلى القول بالعلم الصوري فيها ليلزم افتقار / ١٥٤ MB / الواجب إلى غيره في الصفة الكمالية وعدم كونه عالما في مرتبة ذاته؟!.
قال بعض الاعاظم موردا عليه : والتعجّب من هذا العلاّمة مع تفطّنه لذلك الاصل المتين ـ أعني : جواز تعقّل الأشياء بأعيانها لا بصورها ـ كيف لم يتمّ اعماله في انكشاف جميع الأشياء الصادرة عنه بذواتها بل اقتصر فيه على انكشاف العقول والصور العقلية للأشياء الكلية والجزئية عليه ـ تعالى ـ وجعل الصور القائمة بالجواهر العقلية مناطا لعلم الله ـ تعالى ـ بالمادّيات. وهو غير مرضيّ ، / ١٤٣ DA / بل الحقّ اطراد الحكم بالانكشاف الشهودي على جميع الأشياء المبدعة الكائنة المعقولة والمحسوسة.
ثمّ إنّه على هذا المذهب كما يلزم كون الصورة المرتسمة في الجواهر العقلية مناطا لعلم الواجب بالأشخاص المادّية والحوادث الكونية كذلك يلزم كون الصور مناطا لعلم تلك الجواهر العقلية ، فيكون علم ما سوى الواجب من المجرّدات بالأشياء بحصول صورها فيه.
وعلى مذهب شيخ الاشراق ـ كما تقدّم ويأتي ـ انّ الواجب لذاته كما يدرك المجرّدات العقلية بالاشراق الحضوري كذلك يدرك الأمور المادّية أيضا بالحضور الانكشافي من غير أن يدركها بالصور الحاصلة في المبادي العقلية ، بل ارتسام الموجودات الكلّية في العقول