المعلوم في الصورتين واحد والعلم الاحساسي متعدّد ؛ ـ وقد يتحقّقان في المعقولات ، كما إذا حصل لنا علم تعقّلي بشيء من غير أن نحلّله إلى أجزائه وجزئياته ونستخرج شقوقه وفروعه ومحتملاته ، ومن غير أن نرد ما يحتمل أن يورد من الشكوك والشبهات ولكن كان بحيث تمكّنا على ذلك ، ولو شكّك علينا مشكّك كنّا قادرين على جوابه بلا تجشّم كسب جديد. فالعلم السابق على التشكيك اجمالي بالقياس إلى ما يحدث بعد التشكيك بلا كسب ، والمعلوم في الصورتين واحد والعلم متعدّد. فالعلم الاجمالي مبدأ وسابق على العلم التفصيلى والعلم التفصيلى متأخّر ، فلا يكون العلم التفصيلي في مرتبة العلم الاجمالي ؛ لأنّ التفصيلي مرتّب على الاجمالي ، الاّ أنّ المعلوم فيهما واحد.
وإذا عرفت ذلك نقول : انّ التمكّن من الادراك ـ الّذي هو العلم الاجمالي على الوجه الثاني ـ ليس ادراكا حقيقة ولم يعلم منه شيء حتّى يتحقّق ادراكان يكون المعلوم فيهما واحدا ، فاطلاق الادراك على المنشئية والمعلومية على ما من شأنه أن يعلم حينئذ على التجوّز.
ثمّ انّ أكثر المتأخّرين جزموا في مقام بيان العلم الاجمالي بالوجه الثاني ، وحملوا ما ورد عليهم من عبارات القوم عليه. قال العلاّمة الخفري : « وليعلم انّ لواجب الوجود علمين : أحدهما علم اجمالي ، وهو عين ذاته ـ تعالى ـ وهو كونه باعتبار ذاته بحيث يصير منشأ لانكشاف جميع الموجودات » ، قال بهمنيار : « بيان ذلك : انّ حقيقته حقيقة تصدر عنها مفصّل المعقولات كما انّ المعقول البسيط عندنا علّة للمعلومات المفصّلة ، لكن المعقول البسيط عندنا موجود في عقولنا وهناك نفس وجود ومعنى المعقول البسيط هو انّه كما يكون بينك وبين انسان مناظرة فاذا تكلّم بكلام كثير خطر ببالك جوابه ، ثمّ تفصّله شيئا بعد شيء إلى أن تملأ دستة كاغذ ، بل ما عنده أشدّ تجريدا من المعقول البسيط لأنّ ما عنده سبب لانكشاف الأشياء ـ وهو ذاته البسيط البحت الّذي لا تكثّر فيه أصلا ـ ، بخلاف المعقول البسيط فانّه مركّب ؛ وانّما يوصف بالبساطة بالإضافة إلى التفاصيل الّتي تحصل بعد التحليل ؛ انتهى كلام بهمنيار بأدنى توضيح.
ثمّ قال العلاّمة : « ففي الشهود العلمي الكمالي كان ذاته ـ تعالى ـ عالما بذاته وبجميع