الكلام مفاد النسختين معا ، ويحصل التقريب ؛ هذا.
وقيل : المراد من العلم في اولى العبارتين ـ أعني : قوله « فعلمه بالكلّ بعد ذاته » ـ العلم الاجمالي ، والمراد من البعدية : البعدية بحسب الاعتبار ، إذ لا شكّ انّ اعتبار كونه علما بعد اعتبار الذات ، من حيث الذات والمراد منه في ثانيتهما ـ أعني : قوله « وكثرة علمه » ـ إلى العلم التفصيلى.
وقيل : قوله : « بعد ذاته » ليس خبرا لقوله : « فعلمه بالكلّ » ، بل هو صفة للكلّ. وقوله : « نفس ذاته » خبر لكلّ من العلمين ـ أعني : فعلمه بالكلّ وعلمه بذاته ـ. والمعنى انّ علمه بكلّ الأشياء الّتي وجودها بعد وجود ذاته ، وكذا علمه بذاته نفس ذاته فتكون العبارة الاولى واردة لبيان العلم الاجمالي ؛ وامّا الثانية ـ أعني : « فكثرة علمه ... إلى آخره » ـ لبيان التفصيلى.
ولا يخفى انّه مع بعد هذا التوجيه واستلزامه خلاف الظاهر في قوله : « بعد ذاته » ، يرد عدم التقريب ، إذ ليس هنا موضع بيان كون علمه بالكلّ وعلمه بذاته نفس ذاته.
وقيل : المراد من العبارة الاولى هو ما ذكر في التوجيه الأخير ـ أي : علمه بالكلّ الّذي بعد ذاته وعلمه بذاته نفس ذاته ـ ، فيكون علمه بذاته وبجميع معلولاته علما واحدا حقيقة من دون تكثّر فيه الاّ بالاعتبار. والمراد من الكثرة في العبارة الثانية ـ أعني : « فكثرة علمه ... الى آخره » ـ هو الكثرة الاعتبارية ـ أي : فكثرة علمه بالاعتبار كثرة بعد الذات بالاعتبار فتكون العبارتان واردتين لبيان العلم الاجمالي ، اذ هما أو الثانية لبيان العلم الحضوري التفصيلى. فان هذا القائل اعتقاده انّ جميع اساطين الحكمة ـ حتّى الفارابى والشيخ ـ قائلون بالعلم الحضوري.
وقيل : المراد من العلم المعلوم مجازا ، وحينئذ يكون المراد من الكثرة الكثرة الحقيقية ، لأنّ المعلومات متكثرة حقيقة ، فيكون المراد من العبارة الاولى : انّ وجود الكلّ المعلوم بعد ذاته ، ومن الثانية : انّ كثرة معلوماته كثرة حاصلة بعد ذاته.
وغير خفيّ انّ جميع / ١٤٥ DA / هذه التوجيهات تكلّفات باردة وتعسّفات بلا فائدة. وأيّ داع إلى هذه التأويلات البعيدة بعد القطع بأنّ هذا الفيلسوف يثبت العلم الاجمالي و