التفصيلي الصوري معا؟!. وقد نشير إلى انّ بهمنيار مع تصريحه بثبوت العلم الاجمالي ـ كما مرّ ـ اثبت العلم الصوري أيضا ، فالصحيح في حمل العبارتين ما ذكرناه أوّلا.
قوله : « ويتحد الكلّ بالنسبة إلى ذاته » ، ظاهره ينطبق على الاجمالي ، وربما كان الاحتمال الأوّل منه أظهر. ويمكن حمله على التفصيلى أيضا ، أي : ويتحد الكلّ بالنسبة إلى ذاته في انّ له ـ تعالى ـ علما بجميعها من غير أن يوجب تكثرا في ذاته ، لانّ صدورها على ترتيب سببي ومسببي ، فلا يوجب تكثرا في أصل الذات ، بل في الأمور العارضة ـ كما تقدّم.
قيل : وقوله : « بالنسبة الى ذاته » مؤيّد الحمل على التفصيلي ، إذ لو كان المراد العلم الاجمالي لكان ينبغى أن يقال : ويتحد الكلّ في ذاته. قوله : « وهو الكلّ في وحدته » رجوع إلى أوّل الكلام ـ أعني : بيان العلم الاجمالى ـ وحديث العلم التفصيلي وكثرته وقع في البين لدفع دخل مقدّر ـ كما اشرنا إليه ـ. ومعناه : وهو كلّ الأشياء حالكونه واحدا لا تكثّر فيه. وهو ظاهر الانطباق على الوجه الأوّل من العلم الاجمالي ، وحمله على الوجه الثاني ـ بانّ المراد انّ الواجب هو الكلّ ، أي : عالم بالكلّ ومبدأ له في حال كونه في وحدة ، إذ الكلّ كلّ في وحدة ، أي : معلوم لذاته الأحدي ـ بعيد جدّا. وحمله على العلم التفصيلي بأنّ المراد : فله الكلّ حالكون ذلك الكلّ واحدا بالنسبة إلى ذاته فانّ له ـ تعالى ـ علما به من غير لزوم تكثّر في ذاته ، أبعد.
وقد ظهر من هذه العبارة انّ مراد الفارابى « من العلم الاجمالي » هو الاحتمال الأوّل ـ كما ظهر ذلك من عبارة بهمنيار أيضا ـ.
فان قلت : يمكن أن يحمل جميع عبارات الفارابى الّتي حملتها على العلم الاجمالي تأسّيا بالقوم على أنّ المراد منها بيان كون جميع الأشياء لوازم ذاته وانطواء الجميع في ذاته ، وبالجملة كونه مجمل الأشياء من غير دلالة شيء منها على كونه عالما بها على الاجمال ؛ وحينئذ يكون مراده من هذه العبارات اثبات هذا المطلوب. ومن العبارات الّتي حملتها على العلم الصوري هو اثبات العلم الصوري ، لبعد حملها على الحضوري الانكشافي. ويكون غرضه : انّه لمّا كان الواجب ـ تعالى ـ مجمل الأشياء وكان مندمجة فيه وهو كلّ الأشياء