وتوضيح ذلك : انّ واجب الوجود / ١٤٥ DB / لمّا كان عين حقيقة الوجود بحيث لا يشوبه نقص ولا عدم ولا قصور ولا ماهية ولا تركيب بوجه من الوجوه ـ بل هو صرف الوجود ومحض الخيرية وعين الكمال ـ وكلّ وجود أو كمال وجود إنّما هو يفيض عنه ويرشّح منه ، فكلّ وجود وكمال وجود انبسط على هياكل الممكنات وقوابل المهيات مشوبا بالعدمات ومخلوطا بانتقاض في ضمن الكثرات بجميعها مجتمع في واجب الوجود على نحو التمام والكمال غير مشوب بالنقيصة والزوال في ضمن وحدته الحقّة ، فلو سلب عنه الشيء فانّما هو باعتبار نقصه وقصوره ومهيته لا باعتبار خيريته وكماله ووجوده ، فانّ كلّ موجود غير واجب الوجود ليس صرف الوجود ومحض الخيرية ، بل مشوب بالنقص والقصور والماهية والامكان. فاذا قيل : « الواجب ليس بجسم » فالمسلوب عنه ليس الاّ نقص الجسمية وقصور المادّة ، لا غير. وكذا اذا قيل : « ليس بجوهر ولا بعرض ولا بفلك ولا بعنصر ـ ... الى غير ذلك ـ » فالمسلوب ليس الاّ نقيصات تلك الحقائق ومهيات تلك الوجودات ، فانّ ذاته ـ تعالى ـ لو كانت بذاته مصداقا لسلب شيء من تلك الوجودات من حيث هو وجود وحقيقة لزم أن لا تكون ذاته ـ تعالى ـ عين حقيقة الوجود وصرف طبيعته ، فانّ حقيقة الشيء وطبيعته لا تكون مصداقا لسلب شيء من افراد ذلك الشيء وإلاّ لم تكن طبيعة ذلك الشيء. وذلك هو التوحيد الوجودي فاعرفه إن كنت أهلا لذلك! ؛ انتهى.
وغير خفيّ انّ ما ذكره بعض العرفاء يحتمل وجهين :
أحدهما : انّ الواجب لمّا كان صرف الوجود وتأكّده ووجودات الأشياء وجودات مشوبة بالقوة والعدم فائضة منه ، وهذه الوجودات المشوبة بالعدم إذا فرض تحليلها الى وجودات صرفة وعدماتها يكون وجود الواجب مشتملا على تلك الوجودات الصرفة. يعنى : انّ وجوده لمّا كان فوق التمام فيشتمل على كلّ مرتبة دونه مع الزيادة من غير أن يكون عين سائر المراتب ، بمعنى أنّه إذا حلّل الأشياء الموجودة إلى وجوداتها الصرفة واعدامها كان وجودها عين الواجب. وذلك كما انّ السواد الأشدّ يشتمل على جميع السوادات الّتي تحته مع الزيادة من غير أن يكون الاشدّ عين سائر المراتب ؛ فاذا قلنا : انّ