المقارنة لازمة ـ كما تعرف ـ.
ثمّ انّ العلامة الخفري قد نسب القول بالعلم الاجمالي إلى المحقّق الطوسي ، وغرضه انّه ممّن قال بالعلم الاجمالي الكمالي وبالعلم التفصيلي الحضوري ، فقال : « وهو ـ أي : المحقّق ـ وإن لم يتعرّض في التجريد لنحو العلم الكمالي المتقدّم على الايجاد إلاّ بالاشارة ، وأمّا في شرح الاشارات فهو يخالف صاحبها ، فاختار المذهب الثاني ـ أي : مذهب طاليس الملطي ـ من القول بكون الجوهر الأوّل غير مسبوق بالعلم المغاير / ١٤٧ DA / لذات الواجب ، وسائر الأشياء معلومة بالصور المرتسمة في الجوهر الأوّل. وردّ القول بالعلم الحصولي لما فيه من المفاسد ، وأشار فيه إلى ما يؤدّي الى التحقيق الّذي ذكرته » ؛ انتهى.
ومراده من التحقيق الّذي ذكره هو العلم الاجمالى فقط ، أو العلم الاجمالي والتفصيلى.
وأنت خبير بانّه ليس فيما ذكره المحقّق في شرح الاشارات أثر من العلم الاجمالي ولا اشارة إليه بوجه ، فان المذكور منه فيه ليس إلاّ العلم التفصيلي وكون علمه بمعلولاته القريبة بنفس ذواتها وبمعلولاته البعيدة بالصور الحاصلة في المعلولات القريبة ، وليس هذا من التحقيق الّذي ذكره ـ أعني : العلم الاجمالى بوجه ـ.
وامّا ما ذكره من تعرّض المحقّق في التجريد للعلم الاجمالي بالاشارة ، فلا ريب في انّه لا اشارة فيه أيضا إليه بوجه ؛ والظاهر انّ مراده من الاشارة الاشارة في قوله : « واستناد كلّ شيء إليه ـ تعالى ـ » ، اذ يعلم منه كونه ـ تعالى ـ علّة للاشياء وهو عالم بذاته ، والعلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول ، فيجب ان يكون له ـ تعالى ـ علم سابق على وجود جميع معلولاته ، لانّ الاستدلال بكون العلم بالعلّة مستلزما للعلم بالمعلول الصق بالعلم قبل الايجاد ، والعلم قبل الايجاد هو العلم الاجمالي. ويمكن أن يكون الاشارة بزعمه في قوله : « ولا يستدعي العلم صورا مغايرة للمعلومات » ، لانّه نفى أن يكون العلم صورا مغايرة للمعلومات ولم ينف كونه مغايرا ـ إذا لم يكن صورة ـ فبقي احتمال علم يكون مغايرا للمعلومات ولا يكون صورا لها ، وليس هو الاّ العلم الاجمالي الّذي هو عين علمه بذاته بل عين ذاته فان ذاته ، ـ تعالى ـ مغايرة لمعلولاته وليست صورة لها.