قيل : ويمكن أن يكون الاشارة في قوله : « والتغاير اعتباري » ، لما قال هذا العلامة في بيان العلم / ١٤٩ MA / الاجمالي : انّ في الشهود العلمي الكمالي كان ذاته ـ تعالى ـ عالما بذاته وبجميع الموجودات وعلما ومعلوما ، والتغاير بين هذه المعاني انّما هو بالاعتبار.
وأنت تعلم انّه لا اشارة في هذه العبارات إلى العلم الاجمالي بوجه ، فانّ العبارة الاولى لا تفيد أزيد من كونه ـ تعالى ـ عالما ولا دلالة فيها على كيفية العلم بوجه ، وحديث الالصقية لا يلتصق بالقلب.
وأمّا الثانية فلا يدلّ إلاّ على نفي العلم الصوري ، ولا دلالة فيها على اثبات الاجمال والتفصيل في العلم بوجه ، واللازم من نفي الصوري ليس الاّ ثبوت العلم الحضوري من غير دلالة على كونه اجماليا أو تفصيليا. ولكون العلم الانكشافي مغايرا للمعلومات يندفع ما ذكر من انّ العلم المغاير للمعلومات ليس إلاّ الاجمالي.
وأمّا الثالثة : فهي جواب عمّا قيل : انّ العلم نسبة بين العالم والمعلوم والنسبة تقتضي تغاير الطرفين ، فيلزم أن لا يعلم الواجب نفسه ، إذ لا تغاير هنا بين العالم والمعلوم.
ثمّ قال الخفري : « وما يدلّ على أنّ هذا التحقيق الذي اخترته هو المختار عند المحقّق الطوسى ما قاله في الرسالة الّتي الّفها في تحقيق العلم ، وهو : انّه كما انّ الكاتب مثلا يطلق على من يتمكّن من الكتابة ـ ... الى اخر ما نقلناه سابقا ـ ».
والحقّ ـ كما افاده ـ انّ تلك العبارة تدلّ على العلم الاجمالي على الاحتمال الثاني ، لانّ حاصل اوائل تلك العبارة انّ العالم يطلق على من يتمكّن من استحضار المعلومات أيّ وقت شاء وعلى المستحضر لها بالفعل كالكاتب على القادر وعلى المباشر لها ، واطلاق العالم على الأوّل ـ تعالى ـ انّما هو بالاعتبار الأوّل ، فهو بذلك الاعتبار لا يحتاج في كونه عالما إلى شيء غير ذاته. ثمّ صرّح بأنّ ادراك الأوّل ـ تعالى ـ بالاعتبار الثاني إمّا لذاته فيكون بعين ذاته لا غير ، وامّا لمعلولاته القريبة منه فيكون باعتبار ذوات تلك المعلومات ثمّ صرّح بأنّ ادراكه لمعلولاته البعيدة بالصور المرتسمة في المعلولات القريبة ، فيظهر من مجموع عبارته انّ له علما اجماليا على الوجه الثاني في جميع الأشياء ـ أي : له تمكّنا من العلم بالجميع في مرتبة ذاته بأن يصدر عنه جميع الأشياء منكشفة له تعالى ـ ؛ وانّ له