علما تفصيليا حضوريا بمعلولاته القريبة وعلما تفصيليا حصوليا بمعلولاته البعيدة.
وإذا عرفت مذاهب بعض الرؤساء في العلم الاجمالي وغير ذلك من المطالب المذكورة فلنعد إلى تحقيق الحقّ في العلم الاجمالي ؛ فنقول :
الحقّ بطلان العلم الاجمالي على الوجهين ، إذ لا شكّ انّ العلم التفصيلى المقابل لكلّ من الوجهين للاجمالي ـ أعني : الغير التامّ والاستحضار بالفعل ـ في مرتبة فوق الاجمالي الّذي / ١٤٧ DB / هو مقابله وكمال أتمّ منه ، فلو لم يكن ثابتا للواجب ـ تعالى ـ في مرتبة ذاته وانّما يثبت له ذلك بعد أن يوجد غيره لزم اتصافه ـ تعالى ـ في مرتبة ذاته بالنقص والخلوّ عن ذلك الكمال ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ.
ثمّ انّا قد اشرنا سابقا إلى أنّ الأكثر بيّنوا العلم الاجمالى للواجب ـ تعالى ـ على الوجه الأوّل وقرّروا البقية تعقّله للأشياء بانطواء العلم بالكلّ في علمه بذاته كانطواء العلم بلوازم الانسانية في العلم بالانسانية. وربما أوردوا مثالا بتقسيم حال الانسان في علمه إلى ثلاثة اقسام ، ثمّ جعلوا علم الواجب من القسم الّذي هو الاحتمال الأوّل.
بيان ذلك : انّهم قالوا : انّ حال الانسان في علمه لا يخلو عن اقسام ثلاثة :
الأوّل : أن يكون علومه تفصيلية زمانية على سبيل الانتقال من معقول إلى معقول على سبيل التدريج ؛ ولا يخلو تعقّله حينئذ من مشاركة الخيال ، بل يكون مع حكاية خيالية بحيث يتّحد الادراكان ـ أي : يتحد ادراك النفس وادراك الخيال نحوا من الاتحاد ـ ، كما إذا ابصرنا شيئا وحصل أيضا عنه صورة في الحسّ المشترك اتحد الادراكان ولا يتميز لنا ما يحصل في آلة البصر وما يحصل في الحسّ المشترك إلاّ بوسط ودليل.
الثاني : أن يكون له ملكة حاصلة من ممارسة العلوم والافكار يقدر لاجلها على استحضار الصور العقلية متى شاء بلا تجشّم كسب جديد ، وإن لم تكن علومه وادراكاته حاضرة عنده بأن تكون نفسه معرضة عن تصوّر الأشياء جميعا وان حصلت لها القوة عليه ، إذ ليس في وسعها ما دامت متعلّقة بالبدن أن تعقل الأشياء معا دفعة واحدة لمشاركة الخيال معها في الادراك ، والخيال لا يتخيل الأشياء معا ، وهذه ـ أي : تلك الملكة ـ حالة بسيطة ساذجة لها نسبة واحدة إلى كلّ صورة يمكن حضورها لصاحبها. ولا شكّ في أنّ