« بالعقل » ؛ وباعتبار كونه واسطة في افاضة نفوس صور جميع ما سيوجد / ١٥٠ MB / إلى يوم القيامة في الواح النفوس المجرّدة الفلكية ـ كما انّ القلم واسطة في رسم الصور العلمية الحاصلة في أذهاننا على الالواح الصحيفة ـ عبّر عنه « بالقلم » ؛ وباعتبار انّ تلقّى الوحى من حضرة الرّبّ إنّما يكون باتصال النفس المقدّسة النبوية بذلك الجوهر المجرّد الّذي هو ظاهر في ذاته وسبب لانكشاف العالم الربانية لتلك الذات ـ كما انّ النور ظاهر في ذاته وسبب لظهور سائر الأشياء عند الحسّ ـ عبّر عنه « بالنور » ، وأضيف الى الذات الشريفة ـ صلوات الله عليها وعلى سائر الذوات المطهّرة المنشعبة عنها ـ » ؛ انتهى.
وما ذكره من انّ المرتبة الثانية يعبّر عنها بالنفس الكلّ عند الصوفية ممنوع ، إلاّ انّ هذا التعبير ليس مخصوصا بهم ، بل ذلك التعبير وقع في كلام الحكماء أيضا ـ كما نقل عن الشيخ انّه قال في رسالة المبدأ والمعاد : « اشرف الموجودات واولها عقل الكلّ ثمّ نفس الكلّ » ـ. وقد ذكر أيضا في رسالته الموسومة بالأسئلة والاجوبة انّه يطلق نفس الكلّ تارة على / ١٤٩ DA / النفس المحرّكة للفلك الأعلى الّتي يسمّى في الشرع عرشا ، وتارة على جملة الانفس المحرّكة للافلاك كلّها كأنّها نفس واحدة ، والافلاك جرم واحد.
ثمّ الظاهر انّ تدريج النفوس المجرّدة الانسانية في هذه المرتبة ، أو يجعل في مرتبة أخرى ، اذ لا يمكن اندراجها في المرتبة الثانية ، إذ حكم فيها بانتقاش صور الجزئيات المادة وهي لا تنتقش في النفوس المجرّدة على رأيهم. ويبعد جدّا أن يجعل قواها مرتبة قبل المرتبة الرابعة ولا يدخل انفسها في غير الرابعة.
ثمّ تسمية المرتبة الثالثة بكتاب المحو والاثبات لانّ الصور المرتسمة فيها لمّا كانت صورا للجزئيات الكائنة الفاسدة فكما انّ تلك الجزئيات يمحي ويثبت فكذلك تلك الصور المطابقة لها ؛ هذا.
وقال بعض الأعاظم : حمل تلك الالفاظ الواردة في الشرع على المعاني المذكورة انّما هو بمجرّد التشبّه وهي الرجم (١) بالغيب بلا سند شرعى. والظاهر منها معان أخر وإن امكن حملها عليها ـ والله يعلم ـ ؛ انتهى.
__________________
(١) الاصل : بمجرّد التشبهى والرجم.