ثمّ ما ذكره الخفري من انّ العلم التفصيلي عين ما أوجده في الخارج انّما يصحّ على أحد المعاني للعلم ، فانّ له معان ثلاثة.
أحدها : الاضافة الاشراقية ، وهو المعنى المصدري الّذي يشتق منه علم ويعلم ؛
وثانيها : الحاضر بالذات عند المدرك ، وهو المعلوم حقيقة ؛
وثالثها : ما يقتدر به على استحضار المنكشفات بالذات. ولا ريب في انّ هذا ليس ما هو عين ما اوجده في الخارج ؛ انّما هو المعنى الثاني دون الآخرين. وعلى هذا فالمراد من العلم التفصيلي هو الصورة الّتي تكون معلولة ومعلومة حقيقة. ولا ريب في انّ هذا ليس بحقيقة العلم ، كيف والعلم امّا نفس الانكشاف أو ما هو مناط الانكشاف ومبدئه ـ وبالجملة ما ينكشف به الشيء ـ وتغاير الأعيان الخارجية للأوّل بديهى. ولا يمكن أن يكون أيضا مناطا للانكشاف ، لانّ المناط لانكشاف الأشياء له فيه انّما هو ذاته بذاته والاشياء منكشفات لا مناطات للانكشاف ، وإلاّ لزم افتقاره ـ سبحانه ـ في علمه إلى غيره.
والقول بانّه لا مانع في احتياج الواجب في انكشاف الأشياء له انكشافا تفصيليا إلى غيره ـ أعنى : ذوات الأشياء ـ لانه ليس علما كماليا وحينئذ تكون الأشياء مناطات للانكشاف ومبادي له فيصحّ اطلاق العلم عليها ؛
لا يخفى فساده ، لانّ الانكشاف التفصيلي والتميّز التامّ كمال مطلق للواجب ، فلا يجوز افتقاره فيه إلى غيره.
وعلى هذا يرد على ما ذكره الخفري من التفصيل شيئان :
أحدهما : انّه يلزم بناء على اثبات هذه المراتب لعلمه ـ تعالى ـ احتياجه في صفة كمالي إلى غيره ؛
وثانيهما : اتصافه بصفة الكمال بعد ما لم يكن ، لانّ في كلّ من المراتب ـ على ما ذكره ـ لا تكون المرتبة الأخيرة عنها معلومة له على التفصيل ، بل في كلّ مرتبة تكون تلك المرتبة معلومة على التفصيل ويكون بعدها معلوما له على الاجمال ، فيلزم جهله فيما هو صفة كمال ـ أعني : العلم على التفصيل ـ في كلّ مرتبة بالنسبة الى المراتب المتأخّرة عنه. وقال بعض اهل التحقيق : انّما احتيج في علمه ـ تعالى ـ بالاشياء إلى هذه المراتب لانّه ـ تعالى ـ يجب