بعدها مع ارتسام صورها في المرتبة المتقدّمة ، لانّ التفصيل فيها أكثر ؛ هذا.
وقيل : على القول بأنّ للواجب ـ تعالى ـ علمين ـ : اجمالي وتفصيلي ـ يندفع الاشكالان الموردان على القول بأنّ العلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول.
أحدهما : انّه لمّا كان وجود العلّة يغاير وجود المعلول اتجه انّ حضورها غير حضور معلولها ، فحينئذ ان استلزم حضورها لحضور المعلول فهذا الحضور إمّا بطريق الارتسام في ذات العلّة ـ فيلزم كون ذاته تعالى محلاّ للكثرة وكونه قابلا وفاعلا لشيء واحد من جهة واحدة ـ وهو باطل ؛ أو بطريق قيام المعقولات بذواتها ، فيلزم المثل الافلاطونية وقد ثبت بطلانه ؛ أو بطريق آخر هو قيامها بأمر آخر غير ذات العلّة ، فلا يكون صورا علمية للعلّة ، لانّ الصور القائمة بغير الشيء لا تكون علما لذلك الشيء. ولو فرض ان يكون ذلك الامر آلة لادراك العلّة ـ كما انّ الحواسّ آلة لادراك النفس ـ كان الواجب بذاته محتاجا في ادراك المعلولات إلى الآلة ، وهو يلزم جهله في مرتبة ذاته ؛ وهو باطل.
وأنت خبير بأنّ هذا الاشكال يرد على أصل علم الواجب ـ تعالى ـ وان لم يقل بأنّ العلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول ، إذ لا شكّ انّه لا بدّ من علمه ـ تعالى ـ بالجميع في الازل وذلك لا يمكن أن يكون بحضور أنفسها ، فلا بدّ أن يكون بحضور صورها وذلك / ١٥٠ DA / إمّا بطريق الارتسام في ذات / ١٥١ MB / العلّة ـ ... إلى اخر ما ذكر ـ. ثمّ وجه اندفاع هذا الاشكال ـ على ما قيل ـ : امّا عن العلم التفصيلي فهو انّ حضور المعلولات الموجودة في الأعيان بطريق قيامها بذواتها ؛ ولا يلزم المثل الافلاطونية ، لأنّ المثل صور علمية للأشياء لا نفس الأشياء الحاضرة بذواتها عند مبدئها ، وامّا حضور الصور الادراكية سواء كانت صور المحسوسات أو كانت صور المعقولات فبطريق آخر هو قيامها بأمر آخر حاضرة بذواتها عند الواجب ـ تعالى ـ ، ولا محذور في ذلك ، فانّ مناط الاتصاف بالعلم أحد من الأمور الثلاثة :
إمّا العينية ؛
وإمّا القبول ؛
وإمّا الحضور ؛ ولا محذور في احتياج الواجب بالذات ـ تعالى ـ إلى معلوله في أمر