آخر غير كمالي كحضور الاعراض القائمة بالجواهر عنده ـ تعالى ـ ، بل هذه ليس احتياجا لواجب الوجود بالحقيقة ، لانّ ذلك ـ أي : قيام تلك الصور بمحالّها ـ انّما هو لأجل كونها محتاجة في الوجود إلى تلك المحالّ وكون وجودها وجودا في شيء وعدم قبولها للوجود بنحو آخر ـ كالاعراض مثلا ـ ، فاطلاق لفظ الاحتياج بطريق التسامح.
وتوضيح ذلك : انّه كما انّ الأشياء العينية يجب حضورها عند الواجب بانحاء وجوداتها المخصوصة بها ـ ولذا تكون الموجودات العينية القائمة بذواتها حاضرة بجملتها عنده ـ تعالى ـ بنحو وجوداتها العينية الّذي هو قيامها بذاتها في الاعيان ، وتكون الموجودات العينية القائم بغيرها حاضرة عنده تعالى بنحو وجوداتها العينية الّذي هو قيامها بموضوعاتها في الاعيان مع موضوعاتها ـ فكذلك الأشياء الذهنية ـ أي : الصور العلمية القائمة بذوات العلماء ، لا بذواتها ـ يجب أيضا أن تكون حاضرة عنده ـ تعالى ـ بنحو وجودها الذهني وبنحو كونها صورا ادراكية للعلماء ، فوجوب حضور تلك الصور الادراكية ليس لاستتمام علمه ـ تعالى ـ بالاشياء المعلومة بتلك الصور للعلماء ، فانّ تلك الأشياء معلومة له ـ تعالى ـ بذواتها ، بل لكون تلك الصور من جملة الأشياء الّتي يجب تعلّق علمه ـ تعالى ـ بجملتها. فاعتبار كون تلك الصور في الحضور الشهودي له قائمة بمحالّها ـ الّتي هي ذوات العلماء ـ ليس لكونه ـ تعالى ـ محتاجا في ادراكها إلى تلك المحالّ ليلزم كونها آلة لادراكه ـ تعالى ـ ، بل لوجوب تلك الصور بنحو وجودها الّذي هو قيامها بمحالّها حاضرة عنده كحضور الأعراض القائمة بالجواهر عنده ـ تعالى ـ.
وأمّا عن العلم الكمالي الاجمالي فهو انّا لا نسلّم انّ حضور العلّة غير حضور معلولها ، بل يتضمّن حضورها حضوره ؛ وحينئذ امّا أن يمنع أيضا كون وجودها مغايرا لوجود معلولها ويلتزم التضمن فيه أيضا ، أو يمنع كون تغاير الوجودين مستلزما لتغاير الحضورين ، وهو بعيد ؛ أو يلتزم تغاير الحضورين لكن نقول : انّ حضور العلّة مستلزم لحضور المعلول اجمالا وإن لم يعلم كيفية حضوره.
وجميع ذلك مبني على الاحتمال الأوّل في العلم الاجمالي ، وعلى الاحتمال الثاني فالجواب ظاهر ؛