علم هو عين ذاته ـ تعالى ـ. وجه اللزوم : انّه لو استلزم العلم بالعلّة العلم بالمعلول وكان جميع ايجادات الواجب مسبوقا بالعلم لكان هذا العلم أيضا معلولا له ـ تعالى ـ ، فيلزم سبق علمه ـ تعالى ـ به أيضا ؛ ثمّ ننقل الكلام إلى هذا العلم فامّا يتسلسل أو ينتهي إلى علم لا يكون معلولا له ، وذلك انّما يتصوّر بأن يكون عينه ـ تعالى ـ إذ كلّ ما هو غيره فهو معلول له ـ تعالى ـ ، والتسلسل بديهي البطلان. والانتهاء إلى علم يكون عينه ـ تعالى ـ أيضا باطل ـ لما سبق من أنّ حضور العلّة مغاير لحضور معلولها ـ.
قيل : كون العلم بالعلّة مستلزما للعلم بالمعلول لا يستلزم سوى كون جميع الايجادات / ١٥٢ MB / ـ أي : الموجودات ـ بتلك الايجادات معلومة ، لا كونها مسبوقة بالعلم ؛
وأجاب عنه بعض المحقّقين : بانّه لمّا كان وجود العلّة سابقا على جميع الايجادات وكانت العلّة في تلك المرتبة عالمة بذاتها وجب أن يكون علمها بمعلولاتها أيضا سابقا على المعلولات ، لتحقّق الاستلزام بينهما ؛ انتهى.
وأورد عليه بعض الاعلام : بأنّ استلزام العلم بالعلّة للعلم بالمعلول لا يستلزم أن يكون العلم بالمعلول سابقا عليه إذا كان العلم بالعلّة سابقا. ثمّ قال : فالصواب أن يقال : انّ هذا بناء على أن يكون مرادهم من تلك المقدّمة انّ علمه بالعلّة مستلزم للعلم بالمعلول قبل ايجاد المعلول ، وأمّا لو كان مرادهم انّ العلم بالعلّة مستلزم للعلم بالمعلول مطلقا فلا يتمّ الملازمة. وغير خفيّ بأنّ مراد القوم من تلك المقدّمة هو انّ العلم بالعلّة سواء تحقّق قبل ايجاد المعلول أو معه او بعده مستلزم للعلم بالمعلول ، وما يدلّ على ثبوت تلك المقدّمة يدلّ على هذا التعميم ـ كما لا يخفى ـ.
ثمّ انه قيل في دفع هذا الاشكال : انّه إمّا أن يراد من قولهم : « العلم بالعلّة التامّة بذاتها مستلزم للعلم بالمعلول » انّ ذلك مستلزم للعلم بالمعلول قبل ايجاد المعلول ، أو يراد به انّ العلم بالعلّة بذاتها مستلزم للعلم بالمعلول مطلقا ـ أي : على تقدير تحقّق العلم بالعلّة قبل الايجاد وعلى تقدير تحقّقه معه ـ ، أو يراد به أنّ العلم بالعلّة بذاتها مستلزم للعلم بالمعلول حين الايجاد ؛ والشقّ الاول لا يخلو عن احتمالات ثلاثة :
الأوّل : أن يراد من العلم بالمعلول هو العلم المطلق الشامل للاجمالي الّذي هو عين