المختلفين فيها.
ثمّ المعلوم بالذات في هذا القسم هو الصورة الحاصلة الموجودة في الذهن دون ذي الصورة / ١١٤ MA / الموجود في الخارج ؛ نعم! هو معلوم بالعرض ، لأنّ المنكشف أوّلا وبالذات عند العقل هو هذه الصورة ، وإنّما تنكشف ذو الصورة بواسطتها.
والعلم قد يطلق على المعلوم بالذات ـ الّذي هو الصورة الحاضرة عند المدرك ـ ؛ وقد يطلق على نفس حصول تلك الصورة عند المدرك وارتسامها فيه ، وهذا الحصول هو المعنى الاضافي الانتزاعى الّذي يشتقّ منه العلم والمعلوم وامثالها فعلى الاطلاق الأوّل يكون العلم والمعلوم متّحدين ذاتا مختلفين اعتبارا فالمعلوم في هذا القسم إن اعتبر وجوده من حيث معلوميته ومعقوليته ـ أي : من حيث هو معلوم ومعقول ـ يكون عين وجوده لعاقله وهذا هو المقصود من قولهم : « انّ وجود المعقول بعينه معقوليته ووجوده لفاعله ، ووجود المحسوس بعينه محسوسيته ووجوده للجوهر الحاسّ » ، فانّ مرادهم : انّ وجود المعقول من حيث هو معقول عين معقوليته ووجوده لعاقله. وأمّا إذا اعتبر وجوه من حيث تحقّقه في نفسه وفي الخارج فمعلوم انّه ليس عين وجوده لمدركه الّذي هو حيثية معقولية.
ثمّ لا ريب في انّا قد ندرك / ١٠٩ DA / صورة مجرّدة عن جميع المادّيات والمدرك بها لا يمكن أن يكون مادّيا ـ لما مرّ من أنّ القوى الجسمانية لا يمكن أن تدرك المجرّد الصرف ـ فيجب أن تكون فينا سوى القوى المذكورة قوّة عاقلة مجرّدة هي المدركة لتلك الصور ، وهو النفس الناطقة وبه يثبت تجرّدها ، فانّ اختلاف الادراكات وتباينها يدلّ على اختلاف المدركات وتعدّدها ، فانّا لما رأينا الادراكات الجزئية المختلفة من ادراك الصور وادراك المعاني وتركيب بعضها ببعض وحفظ بعضها دون بعض اثبتنا القوى المختلفة ـ من الخيال والوهم والمتخيّلة والحافظة ـ ؛ وكذلك لمّا رأينا فينا ادراك الصور المجرّدة عن جميع الموادّ ولا يمكن استناده إلى القوى المذكورة جزمنا بتحقّق قوّة عاقلة مجرّدة فينا.
فان قيل : المناط في الاستدلال على وجود القوى المذكورة هو حدوث الآفة والاختلال في بعض الادراكات ـ كادراك الصور أو المعاني أو التركيب أو الحفظ ـ مع