وجود العلّة الغير الغائبة عن ذاتها ، وللعلم التفصيلي الّذي هو مغاير لذات العلّة ؛
الثاني : أن يراد منه العلم الاجمالي فقط ؛
الثالث : أن يراد منه العلم التفصيلي فقط.
فعلى الاحتمالين الأوّلين من الشقّ الأوّل لا يلزم من تقدّم العلم بالمعلول على جميع الايجادات محذور ، لانّ القول بأنّ حضور العلّة مغاير لحضور معلولها انّما يصحّ في العلم التفصيلي ، فلو كان العلم بالعلّة مستلزما للعلم الاجمالي أو المطلق بالمعلول قبل ايجاد المعلول لم يتوقّف هذا العلم على علم آخر ـ ليلزم التسلسل ، لانّ هذا العلم ليس مغايرا لعلم العلّة بذاتها ـ ؛
وعلى الاحتمال الثالث ـ أي : كون العلم بالمعلول هو العلم التفصيلى ـ يمنع أصل المقدّمة المذكورة ـ أي : يمنع أنّ العلم بالعلّة يستلزم العلم التفصيلى بالمعلول قبل ايجاده ـ. ومنه يظهر أنّ غرض القوم من المقدّمة هو انّ العلم بالعلّة يستلزم العلم الاجمالي بالمعلول قبل ايجاده ، لا العلم التفصيلي به.
وأنت خبير بأنّه يلزم على هذا أن لا تكون العلّة عالما بالعلم التفصيلي بالمعلول قبل ايجاده ، وهو باطل لكونه كمالا مطلقا للموجود.
فالحقّ ـ كما اشير إليه ـ أن يقال في الجواب : انّ علم العلّة بذاتها ليس مغايرا للعلم التفصيلي بالمعلول أيضا ، لانّ مناط العلم ليس إلاّ ذاته ولا يحتاج إلى وجود المعلولات ، والشق الثاني لا يخلو عن احتمالين :
أحدهما : أن يراد بالعلم بالمعلول هو العلم الاجمالي ؛
وثانيهما : أن يراد به / ١٥١ DB / العلم التفصيلي. وعلى الاحتمال الأوّل لا يلزم أن يكون جميع الايجادات مسبوقا إلاّ بالعلم الاجمالي ، ولا محذور فيه ـ لما تقدّم من انّه ليس مغايرا للعلم بالعلّة ـ ؛
وعلى الاحتمال الثاني فعلى التقدير الأوّل منه نمنع أصل المقدّمة المذكورة ، إذ لا نسلم انّ العلم بالعلّة يستلزم العلم التفصيلي بالمعلول قبل ايجاده ـ كما مرّ ـ. وقد عرفت انّ هذا الجواب غير صحيح واشرنا إلى ما هو الحقّ في الجواب ؛ وعلى التقدير الثاني منه لا يلزم