ولا تخلّ بوحدانيته. وتكثّر أسمائه بهذا السلوب والاضافات ، ولو كانت لنا على غير بدننا سلطنة ـ كما على بدننا ـ لأدركناه كادراك البدن من غير حاجة إلى صورة ، فتعيّن بهذا انّه على كلّ شيء محيط. وادراك اعداد الوجود نفس الحضور له من غير صورة ومثال.
ثمّ قال لي : كفاك في العلم هذا » (١) ؛ انتهى ما افاده المعلم الأوّل بأدنى تغيير.
وانّما تعرّضنا لنقل هذا الكلام بطوله مع سبق ذكر ما هو حاصله أيضا تيمّنا بذكر عباراته وزيادة للتوضيح وبعض الفوائد.
وإذا عرفت ذلك فاعلم! ، انّ الحقّ في كيفية علم الواجب ـ سبحانه ـ انّه ـ تعالى ـ عالم بذاته ـ تعالى ـ وبجميع الأشياء بالعلم الحضوري الاشراقي التفصيلي قبل ايجاد الاشياء وبعده على نهج واحد ، وحقيقة علمه ـ تعالى ـ هو الاضافة الاشراقية الّتي لا توجب تكثّرا ولا تركّبا ، فلا فرق بين انكشاف شيء واحد وأشياء متكثّرة في عدم لزوم الكثرة في ذاته. ومصحّح هذا الانكشاف وموجبه أمّا بالنسبة إلى ذاته الحقّة فتجرّده التامّ مع عينية المعلوم للعالم ـ كما في علم النفس بذاتها ـ ؛ وأمّا بالنسبة إلى الأشياء المعلومة له ـ تعالى ـ فتجرّده أيضا مع تحقّق علاقة قوية هي علاقة المبدئية بينه ـ تعالى ـ وبينها ـ كما في علم النفس بقواها الجزئية المرتبطة بها نحو ارتباط ـ.
وهذا المذهب هو الّذي ثبت عندنا حقّيته واخترناه ، فإضافة المبدئية والفعالية الثابتة له ـ تعالى ـ بالنسبة إلى الجميع مصحّحة لجميع الاضافات ـ كالعالمية وغيرها ـ ، وتلك الاضافات متغايرة تغايرا اوجب اختلاف الآثار ، إلاّ أنّها لا توجب تركّبا وتكثّرا في ذاته ، كما انّ واحدة منها مع كثرة متعلّقاتها ـ كانكشاف الأشياء الكثير ـ لا توجب تكثّرا في ذاته ـ تعالى ـ. والسرّ انّ مبدأ جميع تلك الاضافات ذات واحدة بسيطة مجرّدة هي صرف الوجود ، وهي من لوازم التجرّد ، فكلّما كانت أشدّ كان التجرّد والبساطة أقوى ، فلا يوجب زيادة أمر في الذات حتّى يلزم التكثّر. فمقتضى الكلّ ليس إلاّ واحد صرف وإن كان حقيقة الانكشاف غير حقيقة الايجاد ، كما انّ وجود الأشياء عنه ـ تعالى ـ غير حضورها بمعنى الانكشاف وإن كان الجميع راجعا إلى واحد.
__________________
(١) راجع : كتاب التلويحات ، ص ٧٠.