ثمّ أنت تعلم بما ذكرناه انّ (١) كلام الشيخ الالهي لا ينافي حمله على ما ذكرناه ، ولكن قد نسب إليه في كتب القوم القول بأنّ مناط علمه ـ تعالى ـ بالأشياء ليس مجرّد ذاته الحقّة ، بل نفس وجوداتها أيضا حتّى لو لم يكن شيء لم يكن حاضرا عنده ـ تعالى ـ لعدم تعقّل حضور الشيء عند آخر مع كونه معدوما. وعلى هذا يكون علمه بالاشياء مقارنا لوجودها ، فلا يكون له ـ تعالى ـ علم كمالي لشيء ثابت له ـ تعالى ـ في حدّ ذاته ، بل يكون ذوات المعقولات صورا علمية له ـ تعالى ـ في حدّ ذاته ، بل تكون ذوات المعقولات صورا علمية له ـ تعالى ـ وعالميته ـ تعالى ـ اضافة شهودية. ولا ريب في أنّ وجود الممكنات واضافة الأوّل ـ تعالى ـ إليها انّما يكون بعد مرتبة ذاته ـ تعالى ـ ، فلا يكون الواجب ـ تعالى ـ في مرتبة ذاته عالما بشيء غير ذاته ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا. ـ فان كان الثابت عنده ما ذكرناه / ١٥٤ MB / من التفصيل المختار عندنا فنعم الوفاق! ؛ وإن كان الثابت عنده ما نسب إليه في المشهور ـ من تحقّق المقارنة بين علمه وبين وجودات الأشياء وعدم تحقق علمه بها في مرتبة ذاته ـ ، فنحن نخالفه في هذا الجزء ، والحقّ عندنا سبق علمه ـ تعالى ـ على وجودات الأشياء وتحقّقه في مرتبة ذاته ؛ وسنشير إن شاء الله الى ما يحقّق الحضور الانكشافي والظهور الاشراقى للأشياء مع عدم كونها موجودة.
والحقّ انّ مذهبه هو ما نسب إليه المشهور لدلالة بعض كلماته عليه ـ كما سنشير الى بعضها ـ.
ثمّ إنّ الشيخ الالهي ذهب إلى أنّ علم غيره ـ سبحانه ـ من المجرّدات أيضا حضوري اشراقي ، وقال : انّ / ١٥٣ DB / الجواهر العقلية تعرف كلّ واحد منها ذاتها بذاتها وتدرك جميع الموجودات الباقية الّتي دونها بالإضافة الاشراقية من غير احتياج إلى أن يكون فيها صورة وأثر. فارتسام الصور مطلقا ـ جزئية كانت أو كلية ـ في العقول الفعّالة والقوى العالية عنده باطل ؛ وهذا أيضا من البواعث له على جعل علم الواجب بالأمور المادّية أيضا بالاشراق الحضوري ، لعدم جواز ارتسام صورة في مجرّد حتّى يلاحظها منه ـ كما ذهب إليه العلاّمة الطوسي من جعل الصور المرتسمة في الجواهر العقلية مناطا لعلم الله
__________________
(١) الاصل : من.