الوجود العينى ، وأنا أقول : انّه كذلك بحسب الوجود العيني. ولو تفطّنوا لذلك لاستراحوا من تجشّم التكلّفات في تصحيح علمه ـ تعالى ـ بالاشياء. والدليل على أنّهم لم يتفطّنوا لذلك انّ المحقّق الطوسي مع كونه معلّقا على هذا الكلام من الحكماء وتشديد المبالغة في تقريره (١) وتصحيحه في شرح رسالة العلم ، جعل ادراكه ـ تعالى ـ لمعلولاته البعيدة من المادّيات والمعدومات الّتي من شأنها أن يوجد في وقت بارتسام صورها في معلولاته القريبة ؛ وهذا أوّل دليل على أنّ المقرّر لهذا المطلب انّما قرّره باعتبار الشهود العلمي الارتسامى ، لا بحسب الوجود العيني. وممّا يدلّ على عدم تفطّنهم أيضا لما ذكر قول الشيخ في الشفا حيث قال ما حاصله : ولا تظنّ أنّ الاضافة العقلية إلى الاشياء حين وجودها ، بل يلزم هذا الاضافة إليها وهي بحال معقولة ، ولو كانت من حيث وجودها في الاعيان لكان انّما يعقل ما يوجد / ١٥٦ MB / في كلّ وقت ولا يعقل المعدوم منها في الاعيان إلى أن يوجد.
ومنها : انّه لو كان جميع الأشياء حاضرا عند الواجب لزم تناهى عدد الموجودات ، و/ ١٥٥ DB / اللازم باطل من جانب الأزل عند الحكيم ـ لا من جانب الأبد عند الكلّ ، لخلود الجنّة والنار وأهلهما عند قاطبة المليين ـ. بيان الملازمة : انّ الاوضاع الفلكية وحركاتها بجميعها وأجزاء الزمان بأسرها مترتبة متحقّقة في الوجود بالنظر الى الواجب وان لم تكن مجتمعة إذا قيس بعضها إلى بعض ، فانّ الامتدادات والأوضاع الآتية من جانب الأبد وإن كان ما يحصل منها في الوجود متناهيا إلاّ انّها لمّا كانت بحيث لا تقف إلى حدّ ومن شأنها الذهاب إلى غير النهاية فالواجب ـ تعالى ـ محيط بجميع ما حصل في الوجود وما من شأنه أن يحصل في الوجود إلى غير النهاية ـ لاستواء نسبة الماضى والمستقبل إليه سبحانه ـ ، فتكون الجميع حاضرة عنده ـ سبحانه ـ ؛ فيجري فيها براهين ابطال التسلسل لترتّبها واجتماعها في الوجود حينئذ ، فيلزم التناهي.
والجواب : انّ ترتّب الحوادث إنّما هو في ظرف الزمان ، لانّ حصول الترتّب إنّما هو لأجل العدد وهو انّما يكون في الزمان ، فما هو متعال عن الزمان والزمانيات ـ كالواجب
__________________
(١) الاصل : وتشديد المبالغة وتقريره.