تعالى ـ لا يتصوّر عدد ولا ترتيب بالنسبة إليه. فالحوادث الغير المتناهية في الطرف الّذي مترتّب فيه ـ أعني : الزمان ـ غير مجتمعة فيه ، وفي الطرف الّذي مجتمعة فيه ـ أعني : في علم الواجب تعالى ـ غير مترتبة فيه ، فلا يلزم التناهي. والحاصل : انّ احاطة الواجب بغير المتناهي لا ضير فيه ولا يجري فيه ادلّة ابطال غير المتناهي.
ومنها : الاشكال المشهور الّذي استصعبوه ، وهو عمدة الاشكالات الموردة على العلم الحضوري. وهو : انّ حضور الأشياء عند الواجب قبل وجودها لا معنى له ـ لأنّه لا يتصوّر حضور المعدومات واحداثها حين عدمها في الخارج ، لأنّه لا حقائق لها ثابتة حتّى يمكن انكشافها وحضورها عنده تعالى قبل أزمنة وجودها ـ ، مع انّه على القول بالعلم الحضوري يجب أن يكون الواجب ـ تعالى ـ عالما بها في الأزل. والاشكال يصير أصعب في علمه الحضوري بالممتنعات ، لانّه لا يمكن القول بحضورها عنده ـ تعالى ـ مع امتناع وجودها في الخارج.
وقد أجيب عن هذا الاشكال بوجوه :
أوّلها : ما ظهر من كلام شيخ الاشراق ، وهو : انّ مناط علمه ـ تعالى ـ بالأشياء نفس حضور تلك الأشياء المباينة وجودها عن وجوده ، بمعنى انّ معقوليتها نفس وجودها ، فما لم يتحقّق وجوداتها العينية لم يتعلّق بها العلم ولم يكن منكشفة عند الأوّل ـ تعالى ـ. وإلى هذا يشير كلام بعض الأفاضل حيث قال : إنّ علمه ـ تعالى ـ عين ذاته بمعنى انّه بذاته مبدأ للانكشاف التامّ بالنسبة إلى ما يصحّ أن يكون معلوما ، والمصحّح للمعلومية هو الشيئية في ظرف ما ، فما لم تتحقّق الشيئية لم تتحقّق المعلومية ولا يكون علم بمعنى الانكشاف ولا معلوم ، فالمعدومات الخارجية والحوادث قبل حدوثها إن كان لها ثبوت في المدارك كان ذلك الثبوت مصحّحا للمعلومية كافيا في تعلّق علمه ـ تعالى ـ بها ، وإن لم يكن لها ثبوت فيها بل كانت معدومات مطلقة وليسيات صرفة ، فلا يمكن تعلّق العلم بها. ولا يلزم من ذلك نقص في حقّه ـ تعالى ـ ، لانّ المعدوم المطلق من حيث انّه معدوم مطلق لا يصحّ للمعلومية ، بل انّما النقص في المعدوم ـ كما قالوا في القدرة بالنسبة إلى الممتنع ـ. ثمّ إذا وجدت الحوادث في الخارج يتعلّق بها علمه ـ تعالى ـ ، فعلمه الّذي هو